المتهم الاول والعدو الرئيسي

ناهض حتّر
المتهم الأول – الاساسي- في مشهد اعدام الرئيس صدام حسين، هو الاحتلال الامريكي. العناصر الاخرى في المشهد ثانوية تماماً: اخلاط من الجواسيس – المزدوجين- والمرضى النفسيين، والمتخلفين، عقلياً وسياسياً، والأوباش. هؤلاء مجرد ادوات – واعية او غير واعية -في ايدي عصابة بوش- تشيني التي تريد، بالمشهد المذهبي الاستفزازي، اشعال الحرب الأهلية في العراق.

علينا ألا ننسى، لحظة واحداةً، مَن هو العدوّ الرئيسي – وانه هو – لا سواه- صاحب القرار الاخير في العراق. العدو امريكي، والاحتلال امريكي، والقرار امريكي، ومشهد المشنقة – ونشره- هو لحظة البداية في استراتيجية بوش – تشيني «الجديدة» في بلاد الرافدين: منع المصالحة، الاقتتال الاهلي، التذابح الانتقاميّ حتى الموت .. موت العراق- اللازم لكي يستمر الاحتلال…

ولسوف نعود دائماً، الى المربع الاول لكي نفهم التطورات الحاضرة اللاحقة. وفي هذا المربع الاول هناك الحاجة الملحاحة للامبريالية الامريكية من اجل الاستحواذ على العراق ونفطه. وخلال اربع سنوات من الاحتلال. جرّب الغزاة تجارب عديدة لانجاح مشروعهم القاضي باخضاع العراق- بالحد الادنى من القوة العسكرية وبالحد الاعلى من القتل – من خلال بناء نظام محلي عميل ومستقر يؤمِّن الحاق العراق كالمستعمرات النفطية الاخرى. وهذا المشروع فشل كلياً. لكن بوش – تشيني، بصفتهما ممثلين لضرورات الامبريالية الامريكية، مصرّان على انقاذ الاحتلال- وليس المشروع- بأي ثمن: تدمير المجتمع العراقي، والتخريب الشامل للعراق.. فالمهم هو تأمين استقرار الاحتلال للبلد النفطيّ..

وهو ما يتطلب المزيد من القوات الامريكية، اولاً، لحماية المحتلين من الانفجار الاهلي، وثانياً، لتمكين الاحتلال من تدمير القوى المتصارعة- بعد انهاكها- في الاقتتال الثنائي.

في المرحلة القادمة من الجريمة الامريكية المستمرة في العراق، سوف تكثّف القوات الامريكية، هجماتها ضد الجماعات المسلحة، السنيه والشيعية، معاً، ولسوف تحرق الأخضر واليابس، وتدفع بعجلة الموت والانشقاقات حتى النهاية .. بما في ذلك التطهير المذهبي والتقسيم، للسيطرة على ارض محروقة عليها بقايا مستسلمة من بقايا قوى محلية دمّرت نفسها بنفسها.
عبد العزيز الحكيم- ممثل النزعة الانفصالية الفارسية- وافق على هذه الخطة التي تحقق اغراضه ايضاً: شطب القوى الشيعية المنافسة، واحكام السيطرة على «الطائفة» الشيعية في حدود إمارة لآل الحكيم، تحظى بالدعم الايراني والرعاية الامريكية. فهل نلاحظ ان الحكيم- مثل الامريكيين- هو الذي دبّر مشهد المشنقة من دون ان تشارك عناصره في حفلة السعار المذهبي؟
لقد وقع الأبله مقتدى الصدر وحليفه نوري المالكي في الفخ، وانكشفا، اخلاقيا وسياسيا، وانغلقت امامهما ابواب المصالحة والتحالفات مع الاطراف العربية السنية، واصبحا تحت رحمة الحكيم.. وتحت رحمة الاحتلال.. ولن يرحمهما.
***
الخطة الامريكية الدموية الجديدة- كسابقاتها سوف تبوء بالفشل. «فالسيطرة» على العراق تحتاج، في النهاية، الى اكثر من نصف مليون جندي – وليس اقل- وهو حشد بعيد المنال بالنسبة لحرب فقدت شعبيتها في الولايات المتحدة التي تشكو، اصلا العجز في الرجال، بينما يعرقل الوضع السياسي الامريكي الداخلي، امكانية فرض التجنيد الاجباري او مضاعفة ميزانية الحرب..
بوش- تشيني سوف ينكسران مرة اخرى في العراق، خصوصا اذا تجاوزت قوى المقاومة الوطنية، الفخّ المذهبي وعقلية الانتقام، الى التركيز على القتال ضد الامريكيين، ومنعهم من إعادة ترتيب وتفعيل قوتهم العسكرية المنهكة.
كل البنادق الى صدور الامريكيين.

Posted in Uncategorized.