ناهض حتّر
أصبح من الواضح ان مبادرة الجامعة العربية في العراق، لا تتضمن الشرطين الرئيسيين اللازمين لتجاوز الازمة العراقية او تحقيق المصالحة الوطنية، واعادة بناء الدولة والبلد. وهما (1) الاتفاق على جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية – البريطانية (2) مشاركة جميع القوى العراقية. بما فيها فصائل المقاومة العراقية وحزب البعث.
وهكذا، فإن المبادرة العربية تتموضع في سياق العملية السياسية الأمريكية في العراق، وتحكم على نفسها، تاليا، بالفشل.
لماذا؟
اولاً- لأن وجود الاحتلال الأمريكي يمنع المشروع الوطني العراقي الذي لا يمكنه ان يبدأ إلّا من السيادة والاستقلال وتحقيق استراتيجيات الدولة العراقية، السياسية والتنموية.
ثانياً: لان وجود الاحتلال، يخلق موازين قوى داخلية مصطنعة، ما يمنع، بالاساس، المصالحة الوطنية التي يلزمها التعامل الجدي مع موازين القوى الاجتماعية – السياسية الفعلية في البلاد، بما في ذلك التيارات العلمانية.
ثالثاً: لان وجود الاحتلال – بحد ذاته- يمنح الشرعية الوطنية للمقاومة ولكلّ اشكال العنف الاخرى، سواء اكانت موجهة ضد قوات الاحتلال ام القوات الحكومية، أم المدنيين المؤيدين لهما.
رابعاً: لأن الازمة العراقية، ليست ناجمة، فقط، عن فشل الأمريكيين في ترتيب وتكييف الطوائف والاثنيات في سياق المشروع السياسي الأمريكي، ولكن، بالاساس، عن انطلاق المقاومة العراقية المسلحة التي تنهك المحتلين وتشكل فعالية الحكومة العراقية، وهكذا، فان تجاهل فصائل المقاومة المسلحة. في المبادرة العربية للمصالحة العراقية، يعني الفشل الميداني لهذه المبادرة…
خامساً: المصالحة العراقية، بالاساس، هي مشروع تفاهم واتفاق بين القوتين اللتين تواجهتا، خلال العقود السابقة في العراق، وهما البعث ونظام الرئيس صدام حسين من جهة، وائتلاف الاحزاب الشيعية والكردية من جهة اخرى، والتيارات الوطنية الديمقراطية من جهة ثالثة. ومن الناحية الواقعية، فان مشروعاً للمصالحة العراقية، يتجاهل البعثيين والصداميين، والتيارات الديمقراطية يخدع نفسه.
والمسألة العراقية، على كل حال، مترابطة: فالتحالف الشيعي- الكردي، يخشى خسارة السلطة اذا ما غادر المحتلون الأمريكيون، بينما يظهر ان الاتجاهات البعثية – الصدامية تريد ازاحة الأمريكيين، للعودة الى السلطة. وفي الوسط، يتردد الوطنيون الديمقراطيون المعادون للاحتلال والبعث والقوى الطائفية والامنية معاً.
والمشروع الواقعي للمصالحة هو الذي يجمع كل اطراف المعادلة العراقية على تفاهم وطني لاقامة نظام ديمقراطي تعددي يكفل مصالح الجميع، ويطرح، للتو، زوال الاحتلال ووقف القتال، وطي صفحة الماضي.
وهكذا يظهر ان رحيل المحتلين هو المبتدأ والخبر في حل الازمة العراقية.