لمع نجم الأردن، إقليميا ودوليا، وانهالت علينا الفرص التي لا تتكرر:
– توافق روسي – أميركي على الاعتراف بمكانة المملكة كلاعب إقليمي ـ لا أداة ـ ومنح الأردنيين دورا أمنيا ـ سياسيا في سوريا والعراق والإقليم (تحديد قائمة التنظيمات الإرهابية والتفاوض مع غير الإرهابية.) وهو ما يعتبره الحاقدون ‘ ورطة’؛ فالأردن، عندهم، ينبغي أن يظل في حدود الوظيفة لا الدور، وينبغي أن يدور، دائما، في ساقية التوطين وقانون الانتخابات التوطيني والإن جي أوز وبزنس ‘ الديموقراطية’ الكذوب القائم على شرهات اليورو والدولار؛
ـ صراع روسي ـ تركي يحدّ من المنافسة التركية للدور الأردني (التي حاولت أنقرة حرقه بحرق طيرانا الشهيد معاذ الكساسبة) وهو ما لا يجرؤ الخائفون على المضي به من خلال فتح باب الصراع مع الإخونج على مستوى المنطقة، في السياسة والتعليم والثقافة الخ؛ فالأردن هو الأكثر استقرارا على المستوى الإقليمي، ويمكنه أن يحصد ثمار التعاون الثنائي مع روسيا في لحظة التراجع الأميركي، في مجالات الصادرات الزراعية والسياحة الخ
ـ ضبطٌ روسي لحركة إسرائيل، أضعف الأخيرة استراتيجيا ووضعها في سياق الحاجة الملحة للحصول على رضا الأردن في جنوب سوريا، بينما لا يستطيع الخائفون أن يحددوا نقاط الصراع الأردني مع إسرائيل، والشروع في الضغط لحلها. وفي مقدمة ذلك قضايا القدس واللاجئين والمياه الخ؛ فالفرصة متاحة لإعادة النقاش حول كل شيء مع العدوّ المرتعد من المظلة الروسية الاستراتيجية لحضور المقاومة في الجولان؛
ـ طرح قضية اللاجئين السوريين، جديا، كتهديد لأوروبا، ما جعل رجب أردوغان يبتزّ الأوروبيين بأكثر من ثلاثة مليارات دولار. وبينما لا يستطيع لبنان استخدام تهديد اللاجئين إزاء منطقة ثرية، يتمتع الأردن بحدود واسعة مع المنطقة النفطية التي يفضلها اللاجئون بالطبع، ويمكن استخدام هذه الإمكانية لفرض شروط العلاقة مع المعنيين، والحصول على تعويضات ملائمة؛
ـ الشروع في التخطيط لإعادة الإعمار في سوريا والعراق ، والسعي الروسي ـ الصيني لاطلاق مشاريع كبرى في المنطقة، ينبغي على الكسالى في الحكومة الأردنية، أن يبادروا، بدورهم، للتعرف على اتجاهات المستقبل والتشابك معها في مشروعات الطاقة والسكك الحديد والنقل والبناء والتصنيع والزراعة والمجمعات السياحية الخ
أين هو النقاش الأردني حول الدور الإقليمي المستجدّ للأردن؟ أين هي التصورات والخطط والمشاريع؟ بل أين هي الثقة بالذات ؟
ألهذا افتقد الأردنيون، هذا العام، القائد الشهيد وصفي التل، كما لم يفعلوا طوال السنوات الماضية؟ التاريخ يمنحنا الفرص؛ ليس جراء ذكاء النيوليبراليين ولا مبادرات الشباب الصلع والنواب المرتبطين بالمحافظين الجدد، ولا عبقرية التخطيط وجماعته، ولا بسبب نشاط الان جي أوز، ولا بسبب مشروع قانون الانتخابات التوطيني ووزارة التنمية السياسية ومشروعات التمكين الديموقراطي الممولة من الاتحاد الأوروبي، ولا بسبب النشاط الاقتصادي الطُفَيلي في قطاعي العقار والمال، وإنما بسبب الاستقرار والقوات المسلحة والأمنية. وهذه كلها، كأوضاع ومؤسسات، من صنع المجتمع الأردني التقليدي الذي آن الأوان لكي يثق بنفسه، ويدافع عن وجوده وحضوره ومصالحه في مواجهة الحاقدين والخائفين والكسالى.