ناهض حتّر
حصلت كوندوليزا رايس من المعتدلين العرب، على اكثر مما تريد:
– الدعم السياسي العلني – والحار – لمغامرة بوش الجديدة في العراق
– تمكين البيت الابيض من تجاوز عقدة الكونغرس. من خلال التمويل العربي – لتكاليف الاحتلال الامريكي الثاني لبلاد الرافدين.
– الدعم اللوجستي والامني والاستخباري!
***
وعلى الرغم من أن كل ذلك، كان متوقعاً .. فان المراقب لا يملك الا الدهشة ازاء هذا التطوع المجاني للارتباط المصيري بمغامرة يائسة لرئيس امريكي معزول، داخلياً ودولياً، يعيش الاشهر الاخيرة من رئاسته – فالموسم الانتخابي الامريكي يبدأ في الخريف القادم، ويكون حزب الرئيس مضطراً للخضوع لاعتبارات النجاح، بالضغط على الرئيس او حتى بالانفصال عنه!
أإلى هذا الحدّ فقدت عواصم الاعتدال العربي، القدرة على المناورة؟
حقاً .. كيف نفسر هذا الدعم المفرط بالكرم لادارةٍ امريكيةٍ هي في أضعف حالاتها، من الهزيمة في العراق.. الى الهزيمة في انتخابات الكونغرس .. واستطلاعات الرأي، الى الهزيمة الفكرية والسياسية أمام ما يشبه الاجماع القومي المعارض في المؤسسة الامريكية .. وفي الشارع الامريكي؟
كناّ نفهم – ولا نتفهم – لو ان الادارة الامريكية العرجاء، قدّمت – مقابل الارتباط العربي المصيري بمغامرتها العراقية – شيئاً، اي شيء! فهل ان الصمت عن التغيير الديمقراطي في العالم العربي، هو الثمن؟ وهل بامكان ادارة بوش – الآن – سوى الصمت، والانكفاء عن التدخل – وهي المأزومة – في الشؤون الداخلية لآخر حلفائها في العالم؟.
لم تمنح ادارة بوش، حلفاءها العرب، «مبادرة» على المسار الفلسطيني، تبرر المقايضة. وليس ذلك ممكناً بالأساس.
فادارة بوش الضعيفة لا تستطيع – حتى لو أرادت – الضغط على اسرائيل لتقديم اية تنازلات.
وفي العراق نفسه، لم تأخذ استراتيجية بوش القديمة – الجديدة، بملاحظات الاعتدال العربي، ولن تراعي ماء وجهه. فالمذبحة الامريكية سوف تبدأ بالعرب السنة لتدمير المجتمع المحلي للمقاومة العراقية. وهي الهدف رقم واحد لقوات الاحتلال – التي تريد ان تحمي نفسها بالدرجة الاولى، من الهجمات الموجعة.
بالمقابل، فان استراتيجية بوش ملزمة – كخيار وحيد – بدعم عملية سياسية ونظام مواليين، عضوياً للايرانيين ويخضعان لمطالب الاكراد التوسعية في كركوك، ولا يستطيعان الاستمرار – كما الاحتلال – من دون تغذية الانشقاقات والصراعات والمذابح المذهبية والاثنية:
هل يمكن الوصول الى الاستقرار في العراق وفي المنطقة بالقتل الامريكي للعراقيين – سنة وشيعة – وباستخدام التيار الصدري – الشيعي – ضد المقاومة؟! واستخدام الحزب الاسلامي – السني – ضد التيار الصدري؟ واخيراً وليس آخراً باستخدام البشمرجة الكردية ضد العرب كافة؟ اي مرحلة من الموت والفوضى بانتظار العراق؟! وهل سيكون هنالك حل آخر سوى التقسيم؟ والتطهير المذهبي والعرقي من اجل السيطرة على ابار النفط .. «واستثمارها»؟!
كيف يكون باستطاعة «القاهرة» ان تتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية عن الانفجار الآتي في مأساة العراق؟ وهل تظن الدول الاخرى انها ستكون بمنأى عن آثار الانفراط الاجتماعي والوطني للبوابة الشرقية؟ وهل تظن، حقاً، ان الاحتلال الامريكي يحول دون ذلك الانفراط؟
الاسئلة تبدأ ولا تنتهي .. ولكن سؤالاً واحداً يقفز منها الى المقدمة: هل يحسب حلف «المعتدلين» انه قادر على انقاذ الامبراطورية الامريكية في الشرق الاوسط؟
اذا كان يحسب حقاً انه قادر على ذلك، يمكننا عندها، ان نسحب اسئلتنا الاخرى!!! اعني: انها في النهاية، معركة واحدة.
لكن .. مَنْ ذلك الذي يقدر على معاندة التاريخ.؟