ناهض حتّر
اولا، ينبغي ان لا نسجل على انفسنا كأردنيين من ارومة العشائر العربية، العار برفض استضافة العراقيين او التضييق عليهم في زمن المحنة؛
ثانيا، ليس هناك اي خطر سياسي على الكيان الاردني من استضافة العراقيين -مهما كان عديدهم- فليس لهؤلاء -ولن يكون- لهم مطالبات سياسية. وعلى الرغم من كل ما يحدث وسيحدث في العراق من انشقاقات ومشاريع حروب اهلية وتقسيم الخ، فالعراقيون امة متبلورة الشخصية الوطنية والثقافة والتكوين السياسي. وحالما تنتهي محنة الاحتلال والتدخل الايراني وسيطرة القوى الطائفية والعنصرية، فان العراقيين سوف يعودون الى وطنهم، ولسوف تصبح عمان مصيفهم ومركزا ثانيا لاعمالهم، وسيتحول ضيوفنا الى «لوبي اردني» داخل العراق القادم؛
ثالثا، ليس هناك خطر امني من العراقيين (أ) فالاعمال الارهابية التي جاءتنا من العراق كانت بدفع تنظيم غير عراقي -القاعدة-خصوصا عندما كان على رأسها اردني (ب) ان سيكولوجيا العراقي القادم الى الاردن هي سيكولوجيا الباحث عن الامن والامان والطمأنينة والرافض للاقتتال المذهبي، ولذلك، فان مجتمع العراقيين في الاردن، موحد، ولا يعاني من الانشقاقات، ولذلك، فان هواجس انتقال الصراع المذهبي عبر الحدود الى صدامات في الاردن، ليست واردة؛
رابعا، يشكل العراقيون ضغطا على مدينة عمان، ولكن هذه المشكلة يمكن حلها بربط الاقامات بامتلاك العقارات او استئجارها وتأسيس الاستثمارات والاقامة في المحافظات!
خامسا، يشكل الانفاق الكبير والترفي للفئات الثرية من العراقيين، ضغطا على مستوى معيشة الاردنيين، باعتباره عاملا في الزيادات المتسارعة في اسعار العقارات والسلع والخدمات. غير ان هذا العامل ليس الوحيد في مشكلة الفئات الوسطى الاردنية التي تعاني من ضغوط السياسات الليبرالية الجديدة والحرية المنفلتة للسوق، ويمكن، هنا، ممارسة اشكال متعددة من الضوابط المالية والرقابية، مثل فرض رسوم خاصة على شراء العقارات، والتدخل في الرقابة على اسعار السلع والخدمات، وانشاء اسواق موازية.. الخ.
على ان هذه المشكلة تظل ترتبط بتكوين الاقتصاد المحلي وليس بالعراقيين.
سادسا، يعرف الاردنيون جيدا ان السلوكات السيئة لبعض العراقيين من اغنياء الحرب، ليست شيمة العراقيين -واغلبهم من الفئات المتوسطة والفقيرة التي تحافظ على العادات العربية وادب الضيافة؛
سابعا، الاخطار القانونية المرتبطة بالاقامة الطويلة لاعداد غفيرة جدا من المهاجرين، ليست مرتبطة، فقط، بالاشقاء العراقيين، وانما كذلك بالاشقاء الفلسطينيين القادمين الى الاردن بعد قرار فك الارتباط العام ،1988 وفي ظل الظروف الحساسة للمنطقة، يمكن مواجهة هذه الاشكالية، بتحصين قانون الجنسية بصورة حاسمة تغلق كافة الثغرات؛
ثامنا، استضافة العراقيين في بلدنا، لا بد ان تكون جزءا من منظور سياسي شامل حول الشأن العراقي، فلا تستثني المرتبطين بمقاومة ومعارضة الاحتلال ونظامه القائم. بالعكس، ينبغي منح الاولوية لهؤلاء، وترتيب العلاقات معهم، كجزء من دور اردني مأمول في مساعدة العراق على تجاوز المحنة؛
تاسعا؛ من غير الانصاف تحميل المواطن العراقي، المسؤولية عن مشاكل الهجرة العراقية الى الاردن -وسواه- فالمسؤول عن حدوث هذه الهجرة هو الاحتلال الامريكي ونظامه السياسي الطائفي في العراق. وهو ما يطرح علينا، موضوعيا، مهمة العمل الجدي والحثيث لانهاء الاحتلال والنظام الطائفي، ودعم برامج واجراءات اعادة تأسيس الدولة العراقية الحرة المزدهرة؛
عاشرا، علينا ان نتذكر، دائما ان العراق هو عمقنا الاستراتيجي الرئيسي في المنطقة، واكاد اقول: الوحيد. فالى العراق استند كياننا الوطني في كل العهود الاستقلالية، من الملكية الى الجمهورية الى البعثية. وهذه العلاقة ليست ناجحة عن الارادة الطيبة للعراقيين والاردنيين، وتقاربهما الثقافي والنفسي، بل هي ناجحة، بالاساس، عن جبروت الجغرافيا السياسية، وعناصر التكوين الوطني في البلدين.
ولذلك، فان هذه العلاقات -التي سنوضح ابعادها وحتميتها في مقالات لاحقة- غير قابلة للعبث او للحسابات الصغيرة.