الشعب يعرف أكثر ..

ظهرت , في الأسبوع الأخير, موجة من الآراء والكتابات التي تسعى إلى التهوين من مخاطر المشروع الأمريكي – ‘ الإسرائيلي’ لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن, وتنتقد ردود الفعل الشعبية الغاضبة إزاء ما يصدر من تصريحات وتسريبات حول صيغ مختلفة من ‘ الخيار الأردني’ , لتجاوز مأزق انهيار العملية السلمية على المسار الفلسطيني. ويدعو ‘ المطمئنون’, الشعب الأردني, إلى عدم الالتفات إلى مخاطر ينفون وجودها أو يصغرون من شأنها أو يرون أن الأردن أقوى منها إلى الحد الذي يوجب عدم النظر فيها.
وفي رأيي أن هذا منطق عجيب ينطوي على مسعى لدفن الرؤوس في الرمال , أو , في أحسن الأحوال, تحريم المشاركة السياسية الشعبية في الدفاع عن الوطن.

أولا, المخاطر التي تتربص بالأردن حقيقية وملحة . إنها مخاطر موضوعية تنجم تلقائيا عن فشل أو حتى تأخير قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة واتصال جغرافي . وسيقال إن ذينك الفشل والتأخير ليسا جديدين . ولكن الجديد هو الانقسام الفلسطيني غير المسبوق , وتبلور تيار داخل السلطة الفلسطينية , يتحدث عن الخيار الأردني كمخرج من مأزق ‘ السلطة’ , وسط يأس شامل وغياب الأمل النضالي.

ثانيا, على هكذا خلفية , ليس بالضرورة أن يكون وراء مخاطر الخيار الأردني , مؤامرة . ومع ذلك , فالمؤامرة موجودة فعلا . وهناك قوى في الولايات المتحدة تدفع النقاش حول الشرق الأوسط لكي يتجه صوب الخيار الأردني. ولولا ذلك ما كان ذلك السيل من الندوات والمقالات والتسريبات , متزامنا وكثيفا. وإذا كان من المتفق عليه أن هناك نوعا من الإجماع ‘ الإسرائيلي’ على الخيار الأردني, فإن ذلك , على كل حال, سوف يجد له أصداء قوية في واشنطن .

ثالثا, الاطمئنان في قضايا المصير الوطني لا يكون باللامبالاة , بل بالاهتمام والحس بالمسؤولية وتثقيف الشعب ورفع معنوياته وحفزه على التضحية في سبيل وطنه . ولا يكون ذلك بالصمت , بل بالتعبير الحر والتنظيم وإعادة ترتيب البيت الداخلي , في مواجهة المخاطر.

رابعا, ردود الفعل الشعبية الأردنية القوية على أي تصريح أو تسريب أو خبر يمس الكيان الأردني أو مصالحه العليا , لا تعكس حالة تطيّر وخوف , بل حالة قوة ورفض وتحفز لاصطياد بلالين الاختبار , وردها إلى نحرها , وإرسال رسائل مضادة .

الشعب يعرف أكثر ماذا يفعل , وكيف , ولماذا ? .0

Posted in Uncategorized.