ناهض حتر
في اليوم التالي بعد انسحاب الامريكيين، سوف تنشب الحرب بين المقاومة العراقية من جهة وبين المليشيات الطائفية والاثنية و«شرطتها» و«جيشها». المدعومة من قوى اقليمية نافذة. وليس لدينا شك بأن المقاومين سيطوون هذه الصفحة سريعاً، ويحسمون المعركة في وقت قصير، اولاً بسبب التفوق العسكري والاخلاقي والمعنوي لفصائل المقاومة العراقية التي تخوض منذ سنتين ونصف، معارك بطولية مثابرة ضد المحتلين وعملائهم، وثانياً بسبب الفشل الذريع للمشروع السياسي الطائفي، الاثني الذي تكشف كمشروع معاد للدولة العراقية، وثالثاً بسبب قوة الشرعية الوطنية التي يملكها المقاومون مقابل «الشرعية» الاحتلالية لاعدائهم، ورابعاً، لأن الانتصار المعنوي الاول للمقاومين سوف يجتذب اليهم مقاتلين وقوى جديدة كانت مترددة أو خائفة، وفي مقدمة هؤلاء التيار الصدري الذي جمع، في اسبوع واحد، مليون توقيع يطالب بمغادرة المحتلين. انتصار المقاومة سيكون مثل كرة ثلج ضخمة تكتسح من امامها العوائق.
الصفحة الثالثة، الاصعب، ستكون قتالاً بين منظمات المقاومة نفسها وخصوصاً بين ثلاث قوى: 1- البعث – الذي سوف يستعيد قواه ومنظماته، ويسعى الى استرداد السلطة و2- الحركة الوطنية الاسلامية المعتدلة التي تتكون – اساساً – من كادرات الجيش العراقي السابق، وتطمح الى اقامة نظام تعددي وجيش مهني، واخيراً 3- الحركة السلفية التكفيرية من القاعدة وحلفائها، وهي التي تريد اقامة نظام اسلامي اصولي في العراق، وتحويله الى افغانستان اخرى.
ونحن نأمل، بل ونطالب القوى الوطنية العربية بالتدخل، للتدخل السريع والحاسم، لاجراء مصالحة عاجلة مبدأية بين هذه القوى والقوى الديمقراطية المعادية للاحتلال، من اجل التوصل الى صيغة ديمقراطية للعراق المستقل، فمن حق الشعب العراقي ان يطمح بالاستقرار واعادة البناء، والمعركة مع الامريكيين ما تزال في اولها، اذ ينبغي اجبارها على دفع تعويضات الحرب، عن مئة الف قتيل، وتدمير المؤسسات والبنى التحتية العراقية واحتجاز وتعذيب عشرات الاف العراقيين.
معركة العراق من اجل النهضة ما تزال طويلة وشاقة، وتحتاج الى تضافر جهود العراقيين من مختلف المشارب والطوائف والاثنيات والاتجاهات، ومن مصلحة جميع العراقيين – ما عدا المرتبطين بالاستعمار والقوى الاقليمية الطامعة – توحيد الصفوف او البحث في اعادة بناء النظام السياسي العراقي على اسس ديمقراطية تجتذب عطف الشعوب ومساهماتها في اعادة اعمار العراق.
المطلوب الان من كل الوطنيين العراقيين والعرب، مبادرة تاريخية تستوعب جراحات الماضي، وتبني سياقاً وطنياً جديداً لعراق تقدمي يمكن ان يصبح حجر الاساس للنظام العربي الجديد.