العرب اليوم
ناهض حتّر
السؤال هو: كيف ستواجه عمان احتمالات التغيير السياسي في العراق؟!
والسؤال مخيف حقا لأن الاسئلة المتولدة عنه تبدو مصيرية: هل يستطيع الاقتصاد الاردني ان يتحمل خسارة المنحة النفطية العراقية، والتبادل التجاري الكثيف مع العراق، وودائع العراقيين في البنوك الاردنية وتعاملاتهم عبرها الخ؟! ما هو، عندئذ، مصير مشروعات التنمية وخطط معالجة المديونية العامة… بل ما هو مصير آلاف المصانع والمشاغل ومؤسسات النقل والخدمات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والفردية القائمة على خط عمان -بغداد؟!
وأكثر من ذلك، ما هو مصير الستاتيكيو السياسي القائم في المنطقة؛ وهل سيحظى الأردن باستمرار حالة الاستقرار السياسي إذا ما عصفت التغييرات في المنطقة؟ وهل ستجرؤ عمان، عندما يستتب الأمر للأميركيين في بغداد، ان تقول لا لواشنطن؛ علما بأنها ماتزال قادرة على أن تقول لا. وخصوصاً لمشروع الكونفدرالية مع الكيان الفلسطيني.
كل هذه الاسئلة وغيرها وضعت على مائدة حوار مغلق في “مركز الاردن الجديد للدراسات” في عمان، بمشاركة مجموعة محدودة من السياسيين والاكاديميين والصحافيين الذين ناقشوا ورقة عمل تقدم بها وزير الخارجية السابق، عبد الإله الخطيب. وهو كان أنهى للتو رحلة سياسية إلى الولايات المتحدة الأميركية، ووضع المشاركين في اجواء الرحلة؛ واستنتاجاته هي:
1) ان الحرب ليست خيارا محسوما 100 بالمئة، ولكن القرار الاميركي بإسقاط نظام الرئيس صدام حسين -هو نهائي.
2) انه لا يوجد تصور اميركي واضح لعراق ما بعد صدام حسين.
3) ان الأميركيين يتفهمون وضع الأردن الحساس إزاء الموقف من العراق. ولكن ليس لديهم وعود مستقبلية للأردن.
لقد جرى الاتفاق بين المشاركين على عدم نشر تفاصيل الحوار، سوى انني، كخلاصة، أستطيع ان اضع بين ايدي القراء، النقاط التالية:
اولاً-ان تشغيل مجمل الماكنة الاقتصادية الأردنية، يعتمد، إلى درجة كبيرة، على الشراكة مع العراق. ويشكل ذلك، وبغض النظر عن التطورات، نوعا من التشوه الهيكلي في الاقتصاد الأردني، لا بد من مراجعته وتدبره، وصولا الى علاقات ندية ومتكافئة.
ثانياً-كائناً ما كانت طبيعة النظام القادم في العراق، فإنه لن يواصل منح الأردن، التسهيلات والمنح نفسها التي يقدمها نظام الرئيس صدام حسين حالياً، بل ربما اتبعت أطراف في المعارضة العراقية إذا توصلت إلى المشاركة في الحكم، سياسات انتقامية ازاء الاردن؛
ثالثاً-ان فك الحصار السياسي والاقتصادي عن العراق، سيطيح، موضوعياً، بأفضلية الأردن كبوابة، وسيؤدي إلى سقوط نظام كامل من الأعمال التي تأسست في الحصار وعلى أساسه وهامشه.
رابعاً-ان الأضرار الاقتصادية التي ستلحق بالأردن جراء التغيير السياسي في بغداد، على ضخامتها، يمكن على المدى المتوسط، احتواؤها … غير أن الأضرار الأكبر، هي الأخطار السياسية.
وإلى الغد