ناهض حتّر
اصبح الوضع اللبناني حساسا للغاية. وربما ينفجر في أية لحظة. فقوى 14 شباط المسيطرة على البرلمان والحكومة، مستقوية بميزان القوى الدولي، تسعى الى تحويل انتصار المقاومة اللبنانية على الغزاة الاسرائىليين، الى هزيمة سياسية لخط المقاومة وحلفائها. وهي تركز على نزع سلاح حزب الله كأولويّة، وتتمادى في قبول التفسيرات الاسرائىلية للقرارالدولي 1701 وتشن حرباً دعائىة ضد التيار الوطني الحر وصولاً الى عزل حزب الله سياسياً، واخضاعه.
ولقد ابدى حزب الله، حتى الآن، تعاوناً مفرطاً مع الحكومة اللبنانية، للحفاظ على الوحدة الوطنية، وتلافي الصدام الداخلي، والسعي الى اعادة ترتيب البيت اللبناني، بالصبر والحوار، متجنباً استخدام انتصاره الفعلي في المعارك، وقوته العسكرية الكبيرة، وهيبته ونفوذه السياسيين، لبنانياً وعربياً. لكن يظهر ان الضغوط التي تمارسها قوى 14 شباط، قد وصلت الى الخط الاحمر.
لدى حزب الله – داخل المعادلة اللبنانية – ما يمكن ان نسميه ب¯ «فائض القوة» ولا يريد الحزب استخدام هذا الفائض، لئلا يحيد عن استراتيجيته القائمة على عدم المساس بالتركيبة اللبنانية. غير ان هذه الاستراتيجية، لم تعد فعالة، بل انها قد ترتد على اصحابها بخسائر فادحة فبينما تواصل قوى 14 شباط، هجومها السياسي، وتصعّده، وتقترح، صراحة، برنامجاً جذرياً لاعادة بناء التركيبة اللبنانية، نهائىاً، في خط تيار المستقبل، يتخذ حزب الله موقفاً دفاعياً وتراجعياً لم يعد ممكنا الاستمرار فية. وهكذا فان الانفجار الداخلي في لبنان، اصبح على الابواب.
حزب الله مشارك في الحكومة التي تتجاهل صمود المقاومة وانتصارها ويمكن لقوى 14 شباط ان تحقق «انتصارها» الداخلي، ولم يعد ممكناً ان يستمر حزب الله شريكاً في حكومة تركز كل جهودها على نزع سلاحه وتفكيكه.
ويدفع التيار الوطني الحر – بزعامة الجنرال ميشال عون – ثمناً باهظاً جداً. جراء تحالفه مع حزب الله الذي ما يزال مشلولاً عن تقديم مساندة سياسية لهذا الحليف الاستراتيجي. قوى14 شباط ترفض مشاركة التيار العوني في حكومة وحدة وطنية؟ وهي تعمل على عرقلة وصول الجنرال الى سّدة الرئاسة، على الرغم من انه يمثل اغلبية المسيحيين، اصحاب المنصب.
القوى والتيارات الوطنية والشعبية الحليفة لحزب الله «الحزب الشيوعي، الحزب السوري القومي الاجتماعي، حركة الشعب، سليم الحص الخ» هي الاخرى مستهدفة في حضورها وفاعليتها .. وربما وجودها في لبنان الذي تصوغه قوى 14 شباط بزعامة آل الحريري.
والمعادلة السياسية اللبنانية، الآن، واضحة بصورة لا لبس فيها فالتحالف الحكومي يعوض عن ضعفه السياسي والجماهيري والعسكري الداخلي، بالاستناد الى القوى الدولية ونفوذها وعسكرها ولم يعد امام حزب الله فرصة للمناورة: هل يمكنه البقاء في حكومة تستقوي بالخارج على الداخل، وتستبعد حليفه الاساسي؟ وتسعى الى نزع سلاحه؟ وتضغط على مجتمعه بمنع وصول المساعدات العربية والدولية الى المنكوبين بالعدوان الاسرائىلي؟.
اسئلة لم يعد امام حزب الله سوى الاجابة عليها. وهو سيفعل عما قريب، لئلا يخسر حلفاءه المحليين، وينكشف استراتيجياً وكأنه مجرد أداة اقليمية، ربحت الحرب.. وخسرت نفسها.
* * *
لم تترك قوى14 شباط اي بصيص امل بتسوية الخلافات اللبنانية ودياً .. وهي زرعت الريح، وسوف تحصد العاصفة.