»الرابع من أيار«.. حين لا بوصلة***** أصبح الرابع من أيار شرنقة لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، يهرب منها اليها في جولة »استشارات« حول الكرة الأرضية لن تنقذه، بينما مرجع العقد والحل، أي الشعب الفلسطيني، الوحيد القادر على انقاذه، مستبعد ومغيّب عن إبداء الرأي في الشأن الذي يخصه بالذات، أي الاعلان عن دولته.عمّ يبحث عرفات لدى العواصم العربية والاجنبية؟ عن مباحثات فلسطينية اسرائيلية ترجئ اعلان الدولة؟ هذا ما اقترحه بالضبط، وعلى الأرجح بإيحاء من عرفات نفسه، وزير الخارجية الروسية ايغور ايفانوف، ولكن هذا الاقتراح بالذات يحتاج الى موافقة تل أبيب الغارقة في انتخابات اعادة التأسيس، وواشنطن الغارقة في دماء الصرب والألبان.هل هناك من مفر امام عرفات سوى ان يبتلع »الرابع من أيار«؟ بالطبع، ولكن ذلك يتطلب العودة الى الناس والشارع والنضال، وهو ما صار، منذ وقت طويل جدا، بعيدا عن خيارت النخبة السلطوية المشدودة بغَزْل المصالح والارتباطات مع العالم الخفي للاستخبارات الاميركية والاسرائيلية، والعالم الظاهر للرأسمال اليهودي الغربي.في البداية، حاول عرفات ان يقفز عن استحقاق الرابع من أيار باستخدام الورقة الاردنية، فطرح شبكة الكونفدراية ليصطاد الملك الأردني الجديد الذي أدرك انه يستطيع الفرار من مصير السمكة، ففرّ، بينما اعتبرت المعارضة الاردنية، العرض العرفاتي »إهانة«، ذلك »اننا حسب ليث شبيلات كنا نظن اننا كبار وعرضة لمؤامرة استراتيجية تدبرها الامبريالية، لا مجرد ورقة يستهلكها التكتيك العرفاتي«.ثم قطعت الحكومة الاردنية على عرفات، السبل، فأكدت انها مع »الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس«، وليس »في القدس« كما كان يريد الملك الراحل حسين، وفي الموعد الذي تقرره السلطة الفلسطينية، بلا »نصائح« من أي نوع!أغلقت عمان، اذاً، المخرج الكونفدرالي السهل، على الأقل في وجه عرفات بالذات، ولم يبق له سوى الحصول على تأجيل اميركي »للموعد المقدس«، مجرد تأجيل تعلنه الولايات المتحدة، لا غزة، لكن بدون جدوى، فماذا يبقى عند العواصم لتقدمه الى »الرئيس« الطائر؟ بعضها يعده »بالاعتراف« وبعضها ينصحه بالتأجيل، أي انها، في النهاية، تقترح عليه مأزقه بالذات!لا أمل أمام »الرئيس« وتجربة السلطة الفلسطينية برمتها، سوى اعلان قيام الدولة، وفي موعدها، وبأقصى ما يمكن من جدية القرار والترتيبات. ستضم اسرائيل الأراضي المحتلة؟ ستهاجم مناطق السلطة؟ ليكن. فالدولة خصوصا الفلسطينية لا تقوم »بالمفاوضات« في غرف الاستخبارات المظلمة أو في مزارع النبيذ الصهيونية حيث يتلذذ آرييل شارون واصدقاؤه في »السلطة« برماد أرض فلسطين وشعبها، بل تقوم بالنضال.. بالمظاهرات، والاضرابات والكفاح المسلح الذي سيجري، بالطبع، في ظل موازين قوى غير واقعية من حيث الامكانات الفلسطينية، ولكنه سيجري أيضا في ظل أجواء دولية مؤاتية، خصوصا ان حلف شمال الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة، يشن حربا ضروسا في قلب أوروبا من اجل استقلال ألبان كوسوفو!الأجواء الدولية مؤاتية لكفاح الاستقلال في فلسطين تخوضه »سلطة« صديقة للغرب، و»حليفة« للولايات المتحدة، وليس هناك بالتجربة أي مخاوف من وجود أدنى اتجاهات قومية او راديكالية لديها، وهو احتمال يزعج الاستراتيجي شارون »فيتحفظ« على الحرب الامبريالية في يوغوسلافيا، وهو الطرب لها لأنها حربه كامبريالي ضد آخر معاقل الاستقلال في العالم وكيهودي ضد العالم الأرثوذكسي/ العدو.أي مأزق ستقع فيه واشنطن والغرب كله اذا ما ردت اسرائيل على اعلان الدولة الفلسطينية بالضم والحرب، في هذه الايام اليوغوسلافية الساخنة بالذات؟! وأي هدية سيقدمها عرفات لتل أبيب إذا ما تطوع بتأجيل اعلان الدولة حتى وقت تكون فيه الحرب الاسرائيلية ضدها »ممكنة«، دولياً، وبالذات أميركياً؟!الفلسطينيون الآن، مثلما كانوا في مرات عديدة، أمام لحظة مصيرية، فإما ان ينخرطوا في »حرب« توحّدهم ضد المحتل والمغتصب، وإما ان تستهلكهم حروب الطوائف والمناطق والعشائر. أوليس الاقتتال المسيحي الاسلامي في الناصرة مؤشرا على مستقبل الشعب الفلسطيني الذي أفقده قادته.. البوصلة؟! ناهض حتّر