ناهض حتّر
السبب الرئيسي وراء حل البرلمان وتأجيل الانتخابات العامة إلى أجل غير مسمى، يكمن، كما نعتقد، في خطة حكومة المهندس علي أبو الراغب، إنجاز جملة من القوانين الإشكالية والمطلوبة عاجلاً في غيبة المجلس النيابي الذي كان سوف يرفض بعضها أو يعدل بعضها الآخر أو يتباطأ في إقرارها جميعاً. فكان البديل الحكومي هو إعطاء إجازة طويلة للديمقراطية، إلى أن يتم لها – أي للحكومة – تشريع ما تراه مناسباً وعاجلاً في قوانين مؤقتة. وقد فعلت!
وها نحن اليوم بصدد تمديد الإجازة الممنوحة للديمقراطية، بحجج متنوعة، كالمخاطر الإقليمية (الأحداث في فلسطين وتلك المحتملة في العراق) أو ضرورة إعطاء الأولوية للشأن الفلسطيني، أو الخوف من فوز الراديكاليين بحصة مؤثرة من مقاعد البرلمان.
وهذه، كلها، حجج لا تصمد أمام النقد، فالردّ على المخاطر الإقليمية لا يكون بتعطيل المؤسسات الدستورية للدولة، بل بتعزيزها، والحفاظ على قداسة مواعيدها. وبغير ذلك، فنحن نعترف، ضمناً، بأننا حالة معلقة في فضاء الإقليم لا دولة ثابتة الأركان. وكذلك، فما معنى أن تؤجل الدولة، ذاتها لصالح أولوية أخرى مهما كانت مقدسة. ثم هل سيمنحنا تأجيل الانتخابات العامة، قوة إضافية للتضامن مع فلسطين؟! وأخيراً، فأيّ ديمقراطية تلك التي تخشى فوز هذا الاتجاه أو ذاك في الانتخابات العامة، فتلغي نفسها!؟
هذه الحجج مسيئة للأردن، ولا عقلانية بالكامل. والهدف منها تسويغ الاتجاه القائم إلى تجميد الحياة السياسية في البلاد إلى أجل غير مسمى؛ ولأهداف فئوية.
وتقع، في السياق نفسه، الدعوى إلى إحياء لبرلمان 1997:
أولاً: لأن الانتخابات العامة مطلوبة لنفسها، فهي تخلق مناخاً سياسياً، وتحفز السجالات الوطنية الأساسية، وتخلق ديناميكيات وقيادات سياسية جديدة، وترفع وتيرة الاهتمامات السياسية لدى المواطنين.
وثانياً: لأن برلمان 1997 الذي انتخب في ظل مقاطعة القسم الرئيسي من المعارضة – على احترامنا له – لا يعكس اتجاهات الرأي العام الأردني.
وثالثا: لأن إجراء الانتخابات العامة، بصورة دورية، صادر بالأساس – عن اعتراف المشرّع بالتغيرات الحاصلة في الرأي العام، والقضايا المطروحة، والقيادات .. وضرورة التعبير عن تلك التغيرات في المؤسسات البرلمانية.
***
الديمقراطية الأردنية في إجازة حسبنا أنها سوف تنتهي في خريف هذا العام … غير أننا نعتقد الآن أن هذه الإجازة سوف تطول وتطول …
بل وربما يتم الاستغناء عن خدماتها!!