الحلايقة يهدد سورية

مَن خوّل النائب محمد الحلايقة بإطلاق عبارات التهديد ضد سورية؟ وبأية صفة يمنح لنفسه حق الحديث باسم القرار السيادي بـ’ اتخاذ اجراءات’ فيما لو تكرر إطلاق النار من الأراضي السورية؟
الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية- كما اعترف الحلايقة نفسه – بأن قال إن الحادث عرضي وغير مقصود، لكن الحلايقة من الرؤوس التي دب فيها، فجأة، سعار الحرب.

من حق الحلايقة، بصفته مواطنا ونائبا، أن يكون له رأي في الشأن السوري وفي العلاقات بين البلدين الشقيقين، لكن ليس له الحق، دستوريا وسياسيا وأخلاقيا، أن يطلق ‘تهديدات’ باسم الدولة الأردنية والجيش العربي الأردني…أم أن مجرّد دعوته إلى منزل رئيس الوزراء مع رجال الدولة وبحضور الملك، ومنحه بضع دقائق للحديث، جعلته يتوهّم أنه في موقع القرار الأخير؟

المشهد كاريكاتوري بامتياز. ويمكن للقارئ أن يبتسم بالطبع، لكننا نتحدث، بجد، عن هيبة الدولة والمؤسسات والسياسة الأردنية. وهي لا تتأثر، جميعا، بهتافات ساخنة في مظاهرة أو اعتصام، وإنما بالتصريحات غير المسؤولة التي يطلقها أشخاص محسوبون على المؤسسات ومسؤولون و’مصادر’، كل على ليلاه، خصوصا بما يتصل بالشأن السوري الحساس,

الحلايقة من جبل الخليل الأشمّ. ولكنني لم أجده يوما من دعاة اتخاذ ‘اجراءات’ ضد الاحتلال الإسرائيلي. ولم ألحظ أنه يتمتع برأس حام عندما يتعلق الأمر بالفظائع الاحتلالية، سواء في جبل الخليل أو في الضفة أو في غزة. آه.. أظنه نسي أن جنازير المحتلين تجثم على أنفاس أهله، وتهدد الأردن بفرض مشروع الوطن البديل.

من اللافت للنظر أن أشرس دعاة الحرب على سورية ـ هم دعاة السلام مع إسرائيل، ودعاة المحاصصة ومحامو ‘ الحقوق المنقوصة’ أي دعاة التوطين.

دمشق، من حسن الحظ، مشغولة عن خربشاتنا وتصريحاتنا وتدخلاتنا وتهديداتنا، بمواجهة الأخطر من أعدائها، وربما أنها تستشعر فائض قوة يدفعها نحو إهمال كل ما يصدر من جهتنا من عنعنات، لكن الوطنيين الأردنيين هم مَن يقلق من مخاطر انزلاق البلد نحو الحريق السوري.

هناك، أولا، القلق من تنامي ظاهرة الهجرة السورية، بما في ذلك هجرة اللاجئين الفلسطينيين، وآثارها السلبية على المعادلة الداخلية. وهناك، ثانيا، القلق من تسلل الفائض الإرهابي إلى ديارنا. وهو ما يحدث وسيحدث، سواء أسقط النظام السوري أم انتصر. وثالثا، القلق من تورّط عسكري أردني في الحريق السوري، مما يضعف قدرة الجيش العربي الأردني على مواجهة مؤامرة الوطن البديل حين تتحول من الضغوط السياسية إلى ضغوط عسكرية وإرهابية.

الأردني قلق على لقمته وعمله وصحته وسكنه وتعليم ابنائه، وعلى كيانه وهويته ومستقبله. وعنده نقطة ارتكاز واحدة تمنحه الاطمئنان، تلك هي المؤسسة العسكرية. وهي المؤسسة الوحيدة التي ما تزال تحظى بإجماع الأردنيين. وظني أن كل أصحاب الأجندات المعادية للدولة الأردنية والشعب الأردني، ينتهزون المناسبة السورية ويضغطون، مدعين شعارات زائفة، نحو إغراق الأردن في معركة ليست له، تؤذيه ماديا ومعنويا، ومن ثم يجدون الميدان خاليا للاستفراد بالأردن.

اليوم، لا يملك الأردنيون المفقرون المهمشون، شيئا من عناصر القوة، سوى الجيش. وما يريده دعاة الحرب على سورية هو أن يخسر شعبنا آخر قلاعه.

تم وقف التعليق على المقال بناء على طلب الكاتب

Posted in Uncategorized.