حديث الاثنين
ناهض حتّر
افكّرُ في الجَمل…
صادَف أنني رأيته، قبل أيام، وجها لوجهٍ.
تأمَّلتُه. انه كبير جدا.. على الاقلّ، ازاء الولد الذي يقوده سارحا غير مهتم. قلتُ: انه قوي حتماً، ويستطيع ان يحمل الكثير، انهُ، في الاساس، حَمولٌ.. حتى قيل: “أحمل من جَمل”!
..حدَّقتُ في وجهه. ان له وجهاً ودوداً طيباً -يبدو غبيا لوهلةٍ- ولكن اغلب الظن ان في هذه النظرة الساهمة المحايدة حكمةً وحلما.. لا بلاهة. انه.. الصبر. نعم.
ان الصبر والحكمة والحِلم والقدرة على الاحتمال، يبدو اجتماعها كأنه غباءٌ او بلاهة. ولكنه اجتماعُ الصبر والحكمة والحِلْم والقدرة على الاحتمال… لا غير!
اضرب الجمل على قفاه! حمِّله اكثر فاكثر! جوِّعه! اقتله عطشا! سيره، بلا توقف، حيث تشاء! اسخر منه! اضحك عليه! وسيحتمل! فالجمل… حَمولٌ وصَبورٌ وحليم!
لن تعرف اذا ما كان الجمل حزيناً او فرحاً، غاضباً او راض، موجوعاً او موضوع! الجمل لا يقول كذا أو كيت! الجمل لا تقدح عيناه بالشرر!
الجمل لا يُطالب!
الجمل لا يُحاور!
الجمل لا يئنّ!
الجمل لا يشكو!
الجمل لا يُنذر!
..يطبخُ الجَمل اساه حقداً على نارٍ هادئة لا تراها، ولن تراها! ويستعد، ببطء ولكن بثقةٍ وعزم نهائيين، للضربة الحاسمة القاضية التي لا تخيب. تأتي ضربته الهائلة من حيث لا تحتسب. ستفاجأ! ويملؤك الذعر، فتحاول ان تقترح حلاً وسطاً. تبكي. تُذهَل. تقول ضارعاً:
كنتُ سا.. ولكنه لن يعطيك فرصة او وقتاً!
الجمل حَقُود. حتى قيل “احقد من جمل”!
في حالةٍ واحدة، يغيّر الجمل تكتيكه. فاذا صفعته على وجهه، ستشتعل ناره وتحمأ -ولن تراها ايضاً ـ وسيعاجلك بانتقام سريع!
أفكّر في الجمَل… وما حَمَل!