ناهض حتّر
الدكتورة بثينة شعبان، وجه جديد صاعد في السياسة السورية. متحدثة لبقة – بالعربية والانكليزية – ولها حضور مريح، ربما لانها امرأة مثقفة وصلبة وناعمة وأنيقة معاً.
تريد القيادة السورية، إذن، ان تقدم نفسها في ثوب جديد. ولكن ذلك – ويا للأسف – هو ما يلخص محتوى «التغيير» الرسمي في سورية – البعث. صحيح انه تم الاستغناء عن نصف القادة القدامى. ولكن ليست السياسة، في النهاية، صراع أجيال، بل صراع رؤى ومصالح واستراتيجيات. وقد كان المؤتمر العاشر لحزب البعث السوري، عاجزاً، مرة اخرى، عن فهم استحقاقات الضرورة التاريخية للتغيير.
افضل ما قدمه «المؤتمر» هو فكرة «اقتصاد السوق الاجتماعي»- المأخوذة من النهج الصيني الناجح – وهي تقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في إطار الدور القيادي للدولة في الاقتصاد والمجتمع. لكن «الفكرة» في سورية – بعكس الصين – ليس لها أرجل. فخلف «الشعارات» السورية، هناك اجتياح شامل للخصخصة والنزعة الكمبرادورية. وهذا الاجتياح «سري» ليس لان القيادة السورية تخجل منه، بل لانه غير قانوني، ويعكس المعضلة الاساسية التي تعاني منها سورية، وهي «الاشتباك» الحاصل بين مراكز النفوذ السياسي والاقتصادي. انه «الفساد الكبير» الذي لم يلحظه «المؤتمر»، مكتفياً بالحديث عن اشكال «الفساد الصغير».
يملك حزب البعث، أغلبية حاسمة في مجلس الشعب، ويستطيع، بالتالي، ان يشكل الحكومات، ويقرر سياساتها، بالوسائل الدستورية البرلمانية الاعتيادية. ومع ذلك، الح الحزب على انه يقود «السلطة والمجتمع» واكتفى بالاعتراف – اخيراً – بأن «الدولة» هي للسوريين جميعاً. فاذا كانت كذلك، فان من حق سورية ان تحصل على دستور متحرر من القيود التوليتارية والحقوق الالهية لحزب بعينه، ويتيح، ولو في المستقبل، امكانية تداول السلطة السياسية. اما المجتمع، فليس من حق احد ان يقوده، إلا بآليات الاقناع والتفاهم.
ما يزال معتقلو الرأي السوريون بالمئات. وبعضهم – كما نعرفهم – وطنيون ديمقراطيون مخلصون، وهبوا حياتهم لخدمة سورية. هل سيبقى هؤلاء في السجون؟ الن يغلق ملف الاعتقال السياسي في سورية؟ ان الابقاء على قانون الطوارىء «الاحكام العرفية» مسلط على رقاب السياسيين، وشطبه بالنسبة لرجال الأعمال، يدلنا على اتجاه الريح في سورية، خصوصاً مع الطلب الملح على الرضا الامريكي، والاستعداد لتقديم التنازلات الى واشنطن، وليس الى الشعب السوري. وهذا لا يقنع احداً، حتى على لسان د. بثينة شعبان.
الدكتورة نفسها لم تستطع ان تحافظ على دماثتها، وهي تردّ على صحافي سوري مغترب، حول مشاركة «محكوم بالفساد» في اعمال مؤتمر البعث. نهرت الدكتورة الصحافي، ومنعته من مواصلة كلامه، قائلة: «انت مغترب وليس من حقك ان تسأل عن التفاصيل». فماذا لو كان هذا الصحافي السوري مقيماً؟ هل سيكون من حقه ان يسأل بالأساس؟!!.