ناهض حتّر
بالاضافة الى الاف ضباط المخابرات والعناصر الأمنية الايرانية، الموجودين فعلاً في جنوب العراق ووسطه، يحشد “الحرس الثوري الايراني” ما بين مائتي الف وثلاثماية الف عنصر لاجتياح المدن العراقية التي سوف يبدأ المحتلون الامريكيون، الانسحاب منها، باعتبارها، مثلما أعلن رئيس حزب الدعوة ابراهيم الجعفري، “آمنة” أي مسيطر عليها في مواجهة المقاومة العراقية.
من الذي جعل هذه «المدن»، ذات الاغلبية الشيعية – “آمنة” بالأساس؟ انها قوة شيطانية تواطأت مع الغزاة الانجلوامريكيين، وتتكون من مرجعية السيستاني، والميليشيات الطائفية المعادية لعروبة العراق والموالية لطهران «حزب الدعوة وقوات بدر» واخيراً المخابرات الايرانية.
لقد شنت هذه القوة الشيطانية – المزودة بالأموال والسلاح والرجال – منذ بداية الاحتلال الامريكي وتحت اشرافه او بالتفاهم معه، حملة شعواء ضد الوطنيين في جنوب العراق ووسطه، سواء أكانوا بعثيين أم يساريين أم ديمقراطيين أم – حتى – «صدريين». والهدف المركزي هو تحويل المواطنين العراقيين الشيعة الى طائفة مغلقة انفصالية، تحت الهيمنة الايديولوجية والمخابراتية المحكمة للملالي الفرس.
وقد انعكس هذا النشاط الدعوي – الامني اخيرا، في مطالب سياسية، بالاعتراف بالقومية واللغة الفارسية في العراق، وكذلك في مشاريع انفصالية، لانشاء فدرالية شيعية، اسوة بالكردية، وينبغي ان يكون المرء اعمى او ساذجا لكيلا يرى انه الى جانب الحرب التي تخوضها الوطنية العراقية ضمن المحتلين الامبرياليين وعملائهم، هناك حرب اخرى بين القومية العربية والقومية الفارسية في العراق، وخطة ايران الاستراتيجية هي استخدام واقع انهيار الدولة العراقية، ووجود المحتلين الامريكيين الخائري القوى، والتعصب الطائفي والبطش الامني من اجل «تفريس» اقسام واسعة من العراق.
ولسوف تظهر في الفترة المقبلة، الأنياب البشعة لهذه الخطة، مع انهيار قوات الاحتلال الامريكي تحت ضربات المقاومة العراقية، ان «رئيس الوزراء» الجعفري، المرتعد هلعا من امكانية انسحاب امريكي مفاجىء، عاد الى منهجيته، بعدما حصل على تطمينات بأن «الحرس الثوري الايراني» سوف يملأ «الفراغ» الناجم عن انسحاب القوات الامريكية والبريطانية من العراق.
هذا لا يقودنا، بالطبع ،الا الى الموافقة على «الاستنتاج» القائل بالتفاهم مع الامريكيين لتنسيق انسحابهم، كلا ينبغي ان تتواصل الضربات العنيفة للمحتلين واخراجهم من البلاد، تحت النار – وخصوصا تشجيع زيادة المساهمة الشيعية في اعمال المقاومة- لكن ينبغي ايضا وفي الوقت نفسه، فضح الاطماع الايرانية في العراق، ولجمها ، والقتال ضدها.
يطلب التاريخ من الحركة الوطنية العراقية ان تقاتل على عدة جبهات معا ضد الامريكيين وحلفائهم، والايرانيين، والطائفيين، والانفصاليين الاكراد وبعض «العرب»، وربما معظمهم!
التاريخ يقسو على العراق، وقد ابقاه في المصهر طويلا، وسيظل لفترة اخرى، ولكنه سيخرج، في النهاية – اذا نجا- الدولة الاقليمية رقم واحد، وقاطرة النهضة العربية.