البيان رقم “1”

ناهض حتّر
في 25/7/2006 ، اصدر الحزب الشيوعي اللبناني، بياناً زفّ فيه نبأ استشهاد اثنين من مقاتليه المدافعين عن بلدة صريفا في جنوب لبنان.

وفي 3/8/،2006 زفَّ الحزب، ثلاثة من مقاتليه الذين تصدوا، ببسالة، للانزال الاسرائىلي في بعلبك.

الحزب كان اول من فجّر القتال ضد الاحتلال الاسرائىلي للبنان، العام ،1982 بعيد الرحيل القسري للمنظمات الفلسطينية، واعلن، وقتها، مع قوى اخرى، تشكيل «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» التي ساهمت في تحرير بيروت واجزاء من الجنوب، واستمرت في لعب دور رئيسي في القتال ضد الاسرائىليين حتى اواخر الثمانينات، حين تسلمت الراية، لاعتبارات معقدة، المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله.

وطوال الخمسة عشر عاماً اللاحقة، هجر الشيوعيون اللبنانيون، قسرا، سلاحهم، بل وغرقوا في نقاشات بيزنطية حول التجربة السوفياتية الفاشلة، وتفرقوا، وخرج من صفوفهم تيار ليبرالي هو حزب اليسار الديمقراطي الذي اصبح لاحقاً، ويا للاسف، رأس حربة في المشروع السياسي المتأمرك في ما سمي ثورة الارز وتحالف 14 اذار.

لكن.. قلب الحزب الشيوعي اللبناني، ظل سليماً.. وخطه السياسي عاد، بعد تعثّر، الى مواقعه الثورية، والمئات من ضباطه – المدربين تدريباً رفيعاً في معاهد الاتحاد السوفياتي السابق – والآلاف من مقاتليه، ظلوا يحنون الى السلاح ..

ومنذ اللحظة الاولى للمغامرة العسكرية الامريكية في لبنان، والعدوان الاسرائىلي على ارضه وشعبه ومقاومته، دعا الحزب الرفاق والاصدقاء الى التجمع في مقراته، تحت شعار تنظيم الدفاع المدني، لكن «الشيوعي» بما اجتمعت لديه من كادرات وقدرات، ووسط تمادي العدوان على البلد، دعا محاربيه الى امتشاق السلاح، خصوصاً وان القيود السياسية التي كانت تحول بين الحزب واعادة تكوين قواته المسلحة، قد انكسرت، وعاد الحزب ليهتف: «والله زمن يا سلاحي!».

هذه هي إحدى النتائج غير المحسوبة للمغامرة الامريكية – الاسرائىلية العدوانية في لبنان. لقد استنفر العدوان، قوى المقاومة – النائمة – في البلد، واجتذب اليها احزابا وعناصر مجربة، فلم يعد حزب الله، وحده في الميدان.

استنفر العدوان الامريكي – الاسرائىلي، كل القوى الحيّة في البلد الذي ظن الامريكيون انهم سيطروا عليه، سياسياً، من خلال «ثورة» ليبرالية متأمركة في 14 آذار 2005 . خسر الاستعمار الامريكي وقوى البترودولار، كل ما لديهما من نفوذ في لبنان، وسقطت القيود السياسية التي قيدت وهمشت قوى المقاومة العلمانية من الشيوعيين والقوميين السوريين الاجتماعيين وسواهما. وعما قليل، سوف يظهر للملأ، الدور الخاص البطولي الذي يلعبه – وسيلعبه – ابطال المقاومة من هذين الحزبين في التصدي للعدوان الامريكي – الاسرائىلي، وفي النصر، وفي اعادة البناء العمراني والسياسي.

وباعتقادي، ان تجديد الحزب الشيوعي اللبناني لذاته، ولدوره في المقاومة، سوف يؤثر، بصورة مباشرة، على اعادة احياء الحركة الشيوعية العربية، ودورها النضالي في التصدي للهجمة الامريكية على العالم العربي. ولسوف تلفظ هذه الحركة، الليبراليين والمتأمركين، وتعاود حضورها الديناميكي في قلب حركة التحرر العربيّة.

عودة الشيوعيين اللبنانيين الى السلاح، ما تزال نصف علنيّة لاعتبارات تكتيكية وسياسية، ولكن ذلك لن يدوم طويلا. وعندما ترتفع الرايات الحمر في مواقع القتال ومواكب اعراس الشهداء، فان عشرات الآلاف من الشيوعيين العراقيين، سوف يواجهون، تواً، السؤال عن دورهم في القتال ضد الاحتلال الامريكي للعراق. فهذا البلد الذي يضم اكبر حزب للشيوعيين، في المنطقة العربيّة، لا يمكن ان يظل على هامش العملية السياسية الامريكية في العراق، بينما تناديه رايات الرفيق فهد، للانقضاض على المحتلين، بالسلاح والتظاهر والاضراب والنشاط الدعائي. ان المجموعة الطائفية – العرقية – الليبرالية التي اختطفت الحركة الشيوعية العراقية، سقطت، سياسياً واخلاقياً في العراق، وها هي مبادرة الحزب الشيوعي اللبناني في العودة الى القتال، تلحق بها هزيمة نفسية وسياسية، سوف تضطرها الى مغادرة مواقعها لكي يستعيد حزب فهد مكانته التاريخية في مقدمة المقاومين العراقيين.

* * *

ما قلناه، منذ بداية هذا العدوان الهمجي الأهوج على لبنان، تتضح صحته، يوماً إثر يوم، فلقد كان العدوان هو المغامرة.. وكان صمود حزب الله وبطولته في القتال وتضحيات الشعب اللبناني، مثابة الشرارة التي اشعلت، وسوف تُشعل قوى المقاومة في لبنان، وفي العالم العربي كله.

Posted in Uncategorized.