الباتريوت الفعّال .. هو الحياد

عمون – من المضحك المبكي أن يصف وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، الحرب على سورية، بأنها ‘ طعنة في ضمير العالم’.
هي كذلك بالطبع، لكن هذه الطعنة جاءت من حلفاء أميركا الإقليميين، وبرعايتها الكاملة.
الذين اجتمعوا في عمّان أمس هم المسؤولون عن المأساة السورية، بسبب خطتهم الوحشية لقلب النظام السوري، بأي ثمن، بما في ذلك جلب الإرهابيين وتسليحهم وتمويلهم، ومحاصرة سورية، واصطناع ظاهرة تهجير السوريين خارج وطنهم، ومنح الغطاء السياسي لتنظيم القاعدة للتنكيل بالمدنيين وتدمير بنى الدولة، وسرقة مصانعها وغلالها وتجهيزاتها وآثارها، بإشراف الاستخبارات التركية، وذبح البشر على الهوية الطائفية، وغير ذلك من الجرائم التي يستحق عليها باراك أوباما وحلفاؤه، المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية.

خطة الإمبريالية الإسرائيلية الرجعية لإسقاط النظام السوري، تضمنت، كما هو واضح، خطة مجنونة لتدمير الدولة السورية، الدولة العربية الوحيدة المستقلة والناجحة في بناء اقتصاد وطني متين، وجيش قوي. نعم، السبب الحقيقي وراء خطة الانقلاب؛ أن سورية تأكل مما تزرع وتلبس وتستعمل مما تصنع، وهي كانت مهيأة ـ وما تزال ـ لقفزة تنموية تحدث اختراقا في المنطقة كلها. السبب الثاني هو قوة الجيش السوري وتحالفه مع المقاومات، اللبنانية والعراقية والفلسطينية، وكونه حجر العثرة الرئيسي أمام مخططات تصفية القضية الفلسطينية.

خطة الانقلاب فشلت، أولا، لأن أغلبية السوريين وقفت إلى جانب الدولة والنظام، وثانيا، لأن الجهازين، المدني والعسكري، ظلا صامدين ومتماسكين، وثالثا، لأن القوى الدولية والإقليمية الصاعدة، الصين وروسيا وإيران، أي أصدقاء سورية الحقيقيين وقفوا، وما زالوا، إلى جانبها.

من الواضح أن كيري لا يريد الرئيس بشار الأسد في سدة الرئاسة في دمشق. هذا ليس خبرا جديدا؛ فكل أعداء الدولة السورية لا يريدون الأسد، لكن الصمود السوري، وضع كيري أمام استحقاق مرحلة انتقالية بوجود الرئيس، ثم أمام استحقاق أن الشعب السوري هو الذي يقرر، في النهاية، رئاسته.

كيف سيقررها؟ في جنيف أم في صناديق الاقتراع؟ جنيف ليس مخولا، وسوف ننتهي، في العام 2014، إلى انتخابات رئاسية بإشراف دولي يحصد فيها المرشح بشار حافظ الأسد ما لا يقل عن 65 بالمائة من أصوات السوريين. وهي نسبة كافية ليتولى فترة رئاسية جديدة.

أليس كذلك؟
سيعمل أعداء سورية المستحيل لئلا نصل إلى هذه النتيجة الديموقراطية؛ سيسعون إلى صيغة مرحلة انتقالية مع الأسد تنتهي من دونه. وقد تتطلب هذه الصيغة، حبك المزيد من المؤامرات ومنح العصابات الإرهابية ( كل من يحمل السلاح غير الشرعي في سورية إرهابي) المزيد من السلاح والتسهيلات، إنما سيفشلون لأن توقعاتهم بتغيير الموقف الروسي هي مجرد أوهام، لكن الأمر الأساسي هو أن الجيش العربي السوري، اللاعب الرئيسي في ميدان الصراع، لن يتخلى، أبدا، عن قائده العام.

الخطة (ب) هي، إذاً، خطة الحرب. والحرب على الحافة. بل ويعتقد وزير خارجية الحكومة الأردنية، أنها مرجحة.

ولذلك، ورغم أن الوزير ينفي وجود اتفاقية مع أمريكا لنشر الباتريوت إلا انه يستدرك ‘ من حقنا الدفاع عن أنفسنا’؛ فضدّ مَن؟ ليس ضد إسرائيل بالطبع، وإنما ضد سورية. وهل ستهاجمنا سورية إذا لم نبادرها بالحرب من طرفنا؟

الباتريوت الأكثر فعالية، القادر حقا على تأمين بلدنا وشعبنا وجيشنا من الحريق الإقليمي الكبير المتوقع… هو الحياد، الحياد الفعلي، سياسيا وأمنيا وعسكريا.
(العرب اليوم)

Posted in Uncategorized.