ناهض حتّر
عدد ابناء غزة، النازحين واللاجئين، في الاردن، غير معروف. هل هو 150 الفا ام 250 الفا؟ ام بينهما؟ وهذا ليس سوى مظهر من مظاهر الغموض الذي يحيط بوضعهم القانوني والسياسي والاجتماعي والانساني.
خلال الـ 38 عاما من اقامتهم في الاردن، منحت الحكومة الاردنية لبعض الغزيين، الجنسية، بصورة فردية، وصرفت -لمن يرغب- جواز سفر مؤقتا، ولكنها اعتبرتهم، دائما، مهجرين (بسبب الاحتلال الاسرائيلي لغزة عام 1967) مقيمين، بصورة اضطرارية ومؤقتة، على الاراضي الاردنية. وحين قام الكيان الفلسطيني، العام ،1993 تم تجاهل منح هؤلاء، الجنسية الفلسطينية. وهكذا اصبح وضعهم معلقا من الناحية القانونية. فلا هم اردنيون ولا هم فلسطينيون.
انه وضع مقلق بالتأكيد. فعلى الرغم من ان قسما من الغزيين المقيمين في الاردن، قد حقق نجاحات اقتصادية، وقدرا من الاندماج، فان اغلبيتهم تعيش في وضع التهميش الاجتماعي والسياسي.
وكان من المتوقع ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة، سيكون اللحظة التي تنهي هذا المأزق، وتفتح الباب امام التوصل الى تسوية قانونية وسياسية ملائمة لوضع الغزيين في الاردن. ولكن الحكومة الاردنية والسلطة الفلسطينية، اصرتا معا على تجاهل هذه القضية التي يقول مسؤولون اردنيون -تحت الضغط- ان من المبكر طرحها!!
الاردن -وهو اكبر مضيف للاجئين والنازحين الفلسطينيين في العالم- لا يضيق ذرعا بـ 150 او 250 الفا من ابناء غزة. غير ان تجاهل استحقاق العودة، الناشىء عن انسحاب الاسرائيليين من القطاع، يجعلنا متشائمين ازاء جدية السياسة الاردنية حول حق العودة عموما-فالتسويف الحاصل في طرح عودة الغزيين- وهي قضية غير ملتبسة قانونيا وسياسيا- هي مؤشر.
لست على يقين من ان ابناء غزة، مشمولون في المعاهدة الاردنية-الاسرائيلية لعام 1994 والتي تمنع الجانب الاردني من المطالبة بعودة اللاجئين والنازحين -خارج اللجان الاقليمية والدولية (غير القائمة) ولكنني متأكد، على كل حال، بأن الحكومة الاردنية تتبع استراتيجية توطين لم يعد بالامكان اخفاؤها. وربما كانت هذه هي الاستراتيجية الوحيدة في السياسة الاردنية المبنية، عموما، على التكتيكات اليومية.