الاحتمالات مفتوحة

ناهض حتّر
يقع قرار حزب الله، الجريء بتوجيه ضربة جديدة ناجحة الى جيش الاحتلال الاسرائيلي، على الحدّ الفاصل بين تكتيك تضامني لتخفيف الضغط العدواني الذي تمارسه اسرائيل على غزة -وسط صمت عربي ودولي- وبين استراتيجية هجومية – دفاعية.

وفي الحالتين، سوف تحرز المقاومة اللبنانية، انتصاراً محسوباً بدقة «1» فاذا تعقل أولمرت المتغطرس، فسوف تنكمش هجمته الضارية على الفلسطينيين، وسوف يبتلع أسر الجندي الاسرائيلي في غزة في سياق ابتلاعه أسر زميليه في جنوب لبنان. وستكون هناك مفاوضات لتبادل الأسرى، وإعادة اعتبار لحكومة حماس، وبدء تفكيك الحصار عنها… وعن سورية وايران «2» وإذا ما فقد أولمرت صوابه، وتورط في جنوب لبنان، فان المقاومة اللبنانية، تمتلك من العزيمة والقدرات، ما يجعلها تنهك المحتلين، وتردّ على العدوان الاسرائيلي على المنشآت اللبنانية، بتحويل شمال فلسطين المحتلة الى جحيم. وهذا صراع جربته اسرائيل، وانتهت الى فشل ذريع. وهو ما سيحدث مجدداً.

أمام تل ابيب خيار التصعيد الشامل بالطبع، بما في ذلك توجيه ضربات او حتى الحرب على سورية – وايران – وهذا يعني اشتعال المنطقة، وستحصد الولايات المتحدة، الآثار السلبية في العراق وتنطلق موجة شعبية جديدة ضد السياسات الامريكية، تضغط عليها، وعلى الحكومات العربية الصديقة في كل مكان.

يستطيع التحالف الاستعماري الامريكي – الاسرائيلي، الحاق المزيد من الأذى بالفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين والسوريين، لكن لن يكون هناك ابداً حل عسكري للتناقض الاستعماري مع الشعوب العربية التي لم تعد تحتمل كل هذا العدوان والصلف وامتهان الكرامة والنهب والتجويع، واشعال الحروب الأهلية لضمان نجاح السياسات الاستعمارية.

الصراع مفتوح، إذن، طالما ظلت هناك مقاومة. والمقاومة ليست مجرد فكرة، بل منظمات فاعلة في فلسطين ولبنان والعراق. وهي المنظمات المطلوب تفكيكها من قبل واشنطن والنظام العربي الرسمي. وهذا يعني ان تفقد الشعوب العربية، القدرة على الردّ، ويتاح للتحالف الامريكي – الاسرائيلي، ترتيب المنطقة على هواه وعلى حساب شعوبها.

وأنا اكتب هذه السطور، أشعر بأن رد الفعل الاسرائيلي على الصفعات المتتالية التي تلقتها العسكرتاريا الاسرائيلية، ما يزال أسير الانفعالات والصلف والرغبة في الانتقام «وإعادة الهيبة» لجيش اصبح قتل جنوده وأسرهم معتاداً… وسهلاً. ولذلك، ما أزال اعتقد بالانكفاء الاسرائيلي، إلا اذا فقد الاسرائيليون وحلفاؤهم الامريكيون، عقولهم.

الحرب سوف تطيح برئاسة أبو مازن – والاتجاه الفلسطيني المتعاون – ولسوف تطيح، تواً، بالمعادلة اللبنانية الناشطة عقب مقتل الحريري في 14 شباط 2005 لكن أهم التطورات، سيكون اسقاط حكومة المالكي في العراق، ووقف الاحتراب الطائفي في هذا البلد، وتوجيه كل البنادق نحو الاحتلال الامريكي.

وسط ذلك كله، يستطيع الاردن ان يتنفس الصعداء من ضغط خطة شارون – أولمرت لابتلاع الضفة الغربية، وتنفيذ المشروع الصهيوني القديم – الجديد لاقامة الوطن البديل في الاردن. فهذه الخطة سوف تنكفىء حتماً باحتدام الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، والعربي – الاسرائيلي، والايراني – الاسرائيلي. فكلما اتسعت جبهات المواجهة، اصبحت اسرائيل أقل قدرة على التوسع على حساب الاردن، فالاردن أقوى في معادلات المقاومة.. وضعيف جداً في معدلات «التعاون».

لن نندب – كالنائحات – على الشهداء والجرحى ودمار المنشآت والتجويع.. الخ مما يفعله المجرمون الامريكيون والاسرائيليون في كل الحالات – بالمقاومة ومن دونها – ولكننا، اليوم، نقف احتراماً للمقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية. فعلى رغم خلافاتنا السياسية، هنا أو هناك، مع هذا الفصيل المقاوم أو ذاك، مع هذه الدولة الممانعة أو تلك… فان الجرأة على جيش الاحتلال، تفتح لنا أبواب الأمل باندلاع المقاومة – مجدداً – وافكارها وتقاليدها، واحياء الصراع التاريخي ضد الهجمة الاسرائيلية والامريكية وفي كل المجالات.

الصراع مع اسرائيل وامريكا لم نخترعه نحن، ولم نختره، انه مفروض على أمتنا، ويتحدى وجودها ومصائر شعوبها،

Posted in Uncategorized.