استثنى الرئيس معروف البخيت من لقاء المصالحة والتفاهم مع قيادات الحركة الاسلامية, الاربعاء الماضي, الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي, زكي بني ارشيد. لكن , ربما كان من الصعب على تلك القيادات ان تستثني الرجل, من قرار الحركة بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة من عدمها. فالمعطيات تشير الى ان اتجاه بني ارشيد, يتمتع بنفوذ قوي, خصوصا بين الاسلاميين الشباب.قلت للاخ زكي – الذي أراه اقرب الى الانموذج الاردني التقليدي المتوسط, ولا يتطاير الشرر من عيونه, مثلما تحاول الحملة الاعلامية تصويره – ‘ماذا .. هل اتفقوا عليك؟’ فلم يجب سوى بابتسامة, لكنه اكد ان قرار المشاركة او المقاطعة لا يزال قيد الدرس, يعني مثلما فهمت : قيد الصراع!
على الهواء, حين كنا نشارك في برنامج اذاعي حول الانتخابات النيابية, حدد بني ارشيد, مطالبه لضمان نزاهة الانتخابات. وقد كان رأيي أنني لا استبعد ان تكون الاجراءات الخاصة بالاقتراع والفرز, نزيهة, طالما ان عملية التسجيل قد تم تفصيلها بالمناقلات بين الدوائر لكن بني ارشيد, يتوقع, بالاضافة الى ذلك, خروقات اخرى.
مع ذلك, ارجح ان قرار الاسلاميين سيكون ايجابيا لجهة المشاركة في الاستحقاق النيابي, لكن دون ذلك صراع حول اشخاص المرشحين. فأداء الكتلة البرلمانية الاسلامية في البرلمان الرابع عشر, كان ضعيفا ولا يعبر عن الميول المتنامية في صفوف الاسلاميين.
سألني بني ارشيد عن رأيي في ترشحه للدائرة الثالثة في عمان, حيث للانتخابات دلالة سياسية وطنية. ومن هذا السؤال استنتجت ان التسوية الممكنة داخل صفوف الحركة الاسلامية, ربما تتمحور حول طبيعة واسماء المرشحين, اكثر مما تدور حول المشاركة نفسها.
نحن, اذن امام تسويتين لا بد منهما قبل التوافق على اجراء الانتخابات في جو تصالحي, احداهما داخل الحركة الاسلامية, والثانية بينها وبين الحكومة. وهو ما سيعقد التوصل الى صيغة مرضية لكل الاطراف فاذا تجاهلت القيادات الاسلامية التقليدية, تأمين الاجماع الداخلي على اي اتفاق مع الجهات الرسمية, سيكون عليها ان تواجه انشقاقا فعليا, ان لم يكن معلنا. واذا لم يحدث ذلك الاتفاق, فربما نشهد تصعيدا حكوميا غير مسبوق ضد الاسلاميين من دون تفرقة.
بخلاف الدعاية المضادة, فان المتابع المحايد, يستطيع التأكيد على ان القضية الرئيسية, عند بني ارشيد وخطّه, لا علاقة لها بالسياسة الخارجية, بل تتمحور, بالدرجة الاولى, حول اولوية التحول الديمقراطي, ومما لا شك فيه ان ذلك يمثل خطا جديدا في الطروحات الاسلامية الاردنية. وبني ارشيد, المعجب بالاسلاميين الاتراك, منفتح على ادماج رؤى اليسار الاجتماعي في الخط الاسلامي,بما في ذلك التصدي لليبرالية الاقتصادية ونهج الخصخصة , واعادة بناء دور الدولة الاقتصادي – الاجتماعي والقطاع العام..
وربما تكون هذه التوجهات هي التي تحدو ببني ارشيد, للالحاح على نقطتين, هما (1) ان قرار مقاطعة الانتخابات النيابية ينبغي ان يصدر عن مؤتمر وطني يضم جميع الاطياف السياسية (2) ان مشاركة الاسلاميين الانتخابية, هذه المرة, لا بد ان تكون في اطار تحالف علني مع قوى المعارضة الاخرى, في قائمة وطنية.