بوفاء الرجال الرجال، أعلن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أن سورية ليست مجرد ممر ووسيط في تسليح المقاومة اللبنانية، بل هي مصدر السلاح وشريك كامل في إدارة المقاومة، قبل صد العدوان الإسرائيلي العام 2006 وخلاله وبعده، والشهداء الأبطال داوود راجحة وآصف شوكت وحسن تركماني هم ‘رفاق سلاح’ للمقاومين، كانت المواجهة مع العدو الصهيوني شغلهم الشاغل، لسنوات وسنوات. هذا هو السبب، إذاً، في الاحتفالات الإسرائيلية الصاخبة باستشهاد المقاومين السوريين الثلاثة. لكن ماذا عن احتفالات المهووسين الطائفيين بالجريمة الاستخبارية التي أودت بحياة الأبطال؟ مخجلٌ فعلا وهستيريٌ حقا أن يتشارك عرب وصهاينة معا بمقتل قيادات في المقاومة العربية. أي خرف أصاب عقل هذه الأمة بحيث تتوحد، عاطفيا وسياسيا وميدانيا، مع أعدائها الأميركيين والصهاينة في صف واحد ضد أحرار العرب؟التصفيق الغربي والعربي للعمليات الاستخبارية والإرهابية والتمرد الطائفي المسلح واستخدام المرتزقة في سورية، لا يمكن حبس تأثيراته في سورية وضد نظام الأسد. إن تشجيع تلك العمليات والتهليل لها يخلقان ثقافة القبول بها والتعامل معها في أي البلدان العربية الأخرى. وما يتم استخدامه اليوم من ضفيرة الإرهاب الإعلامي والمسلح ضد سورية، أصبح، في الوعي العام، ‘ شرعيا’ واعتياديا، ويمكن استخدامه غدا ضد السعودية أو مصر أو الأردن الخ .
في الأردن تحديدا نحن نغامر بأمننا الوطني حين نغض الطرف عن الإرهاب في سورية. فما الذي يحول، غدا، دون استخدام الوسائل الإرهابية نفسها ـ المستخدمة اليوم لإسقاط النظام السوري ـ في فرض مشروع الوطن البديل علينا؟ على كل حال، فإن مجرد نجاح المشروع القَطري في تذبيح فلسطينيي سورية وتهجيرهم نحو الأردن أكثر من كاف لقيام الوطن البديل.
في مواجهة الوطن البديل، نحن ندّخر قوة استراتيجية تتمثل في الجيش العربي الأردني. ولا يمكننا المغامرة بالسماح للثقافة الإرهابية المعادية للجيش الوطني بالانتشار في صفوفنا ، كما لا يمكننا أن نعرّض بلدنا لمخاطر التدخل في سورية تحت أي مبرر كان، بما في ذلك، تأمين الأسلحة الكيميائية التي لا تشكل خطرا علينا بالأساس.
سر آخر كشفه نصرالله أن سورية الأسد هي من زودت غزة ـ تحت القصف الإسرائيلي ـ بالسلاح والعتاد والطعام. هنا، لا يعود السجال سياسيا، بل أخلاقيا بامتياز:
ـ أيكون جزاء من وقف مع حماس في الحرب ـ حين كان يقاطعها ويحاربها الجميع ـ أن تطالب هي بإسقاطه؟ بأي وجه ستقابل، يا اسماعيل هنية، ربك وانت تخون من أنقذوك في لحظة الشدة؟ وكيف تنظر، يا خالد مشعل، إلى وجهك في المرآة، وقد طعنتَ مَن ضحى بنفسه ورجاله ومصالح بلده من أجل حركة المقاومة الاسلامية في فلسطين، متوهما أنها مقاومة؟ فلا مقاومة من دون التزام أخلاقي، ولا مقاومة تلك التي تهلل لمقتل رجال حملوا اليها السلاح والطعام والأمل في زمن الحرب، ووضعهم الموساد، لذلك، على قائمة القتل.
وبعد،هل نقول للأسد العربي الجريح في دمشق: اذهبْ واعقد صفقة مع تل أبيب لكي يسحب الخلايجة مسلحيهم من إخوان وسلفية وقاعدة، ويكف عنك نباح الفضائيات، ويعترف الغرب بإصلاحاتك الديموقراطية ؟
العرب اليوم