افتقار للحكمة أم نوايا سيئة؟

حقق فايز الطراونة، الاسبوع الماضي، موقع أسوأ إدارة حكومية يمكن تخيّلها، كاشفا عن افتقاره للبصيرة السياسية، ومثيرا اللغط حول دوافعه، والأسف للحالة التي وصلت إليها الحكومات الأردنية.في الإدارة السياسية هناك، دائما، هدف مركزي مرتبط بمعطيات أساسية. ومن المفروض أن فترة السماح المحدودة المتاحة قبل التحولات الإقليمية ( سواء لجهة الحرب أم لجهة التسوية ) تحدد الهدف المركزي للدولة في هذه المرحلة بإنجاح العملية السياسية والانتخابية في مواجهة حملة مقاطعة منظمة وانحدار كبير في مستوى الثقة العامة. ومن المفروض أن تدير الحكومة سياساتها، اليوم، مدار الهدف المركزي ذاك، لكنها اتخذت، بالعكس، سلسلة من القرارات التي يبدو وكأن القصد منها هو إفشال العملية الانتخابية.
القرارات هي :
ـ إقرار قانون مطبوعات غير توافقي، والاشتباك مع الجسم الإعلامي،
ـ تعيين ليبرالي جديد وبزنس مان وإداري مشهود له بالفشل على رأس أهم صندوق استثماري وطني في البلاد، أعني إدارة الاستثمار في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. ويرتبط هذا التعيين، كما تقول مصادر موثوقة، بصفقة منتظرة لبيع حصة الضمان الاجتماعي في بنك الإسكان إلى مستثمرين قَطريين. ويدور على حواف هذه الصفقة ـ وهي جريمة كاملة إنْ وقعت ـ لغط حول مصالح شخصية وراءها.
ـ إقصاء مدير عام ‘الضمان الاجتماعي’ معن النسور. وهو قرار لم يأت في سياق روتيني، بل للتراجع عن التعديلات الايجابية على قانون الضمان والتي توافق عليها النسور مع الجهات النقابية والعمالية. وجاء تعيين المديرة الجديدة على أساس قبولها بشروط صندوق النقد الدولي المجحفة بحق مشتركي الضمان.
ـ إجراء تعيينات مستفزة للرأي العام، وفق معايير القرابة والنسب مع كبار المسؤولين.
ـ البدء برفع أسعار المحروقات.
ـ اعتقال الناشط السياسي الكركي باسل بشابشة، في رسالة واضحة لكل نشطاء الحراك الشعبي في البلاد.
وتمثّل هذه القرارات والاجراءات ضربة مميتة للعملية السياسية والانتخابية التي يحتاجها الأردن لمواجهة الاستحقاقات الإقليمية المعقدة المقبلة. وهي استحقاقات تهدد كيانه الوطني، الأمر الذي يجعلنا نشك لا في الحكمة من إصدار قرارات الطراونة، بل في دوافع إصدارها.
الوضع الناشئ عن قرارات الطراونة غير المسؤولة، خطير جدا، ما يتطلب البت فورا في الآتي:
أولا، إلغاء كافة القرارات والاجراءات الحكومية أعلاه، جملة وتفصيلا.
ثانيا، حل البرلمان وإقالة حكومة فايز الطراونة فورا،
ثالثا، تشكيل حكومة محترمة ورشيقة لإدارة الانتخابات النيابية، والإعلان عن موعدها من دون إبطاء.
لكن هناك تسريبات، أظنها مقصودة، عن حكومة جديدة تتفاهم مع الإخوان المسلمين على إجراء تعديلات على النظام الانتخابي، وتأجيل الانتخابات إلى العام المقبل. وإذا صدقت هذه التسريبات، فمن المرجح أن يكون الهدف المركزي غير المعلن للسياسة الأردنية اليوم، هو التدخل في سورية، مما يستلزم التحالف مع الإخوان، واستغلال الظرف للتصرف بموجودات الضمان الاجتماعي.
هناك شيء مريب وراء كل هذه الفوضى .

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.