اعادة احتلال بغداد

ناهض حتّر
ما رأيناه يوم 9/4/2003 على الفضائيات، كان استعراضاً متلفزاً، صورة وليس واقعاً. فالعاصمة العراقية لم تسقط بسقوط نظام الرئيس صدام.

قلنا ذلك مراراً، وفصّلنا هذه الحقيقة الغائبة عن عقول وقلوب المؤمنين بالقوة الامريكية المطلقة، لكن هاهم الغزاة الامريكيون أنفسهم يعترفون، بعد ثلاث سنوات وشهرين وأربعة أيام. من احتلال بغداد، بأن المدينة المعذبة حرة .. حرة الى الحد الذي يرغم الغزاة واتباعهم على حشد 7500 جندي لإعادة احتلالها. الواقع تغلّب أخيراً على الصورة. وبغداد – التي تحاصر أعداءها في «المنطقة الخضراء» – هي الان عرضة للعمليات العسكرية، بالاشراف الشخصي لرئىس الوزراء الديمقراطي» نوري المالكي!

أهداف الحملة الأمريكية الجديدة ضد بغداد، ارهابية بالتعريف. فما يريده جنرالات بوش الصغير هو استخدام العنف ضد المدنيين لترويع المدينة واجبارها على القبول بالاستعمار سياسياً ونفسياً. وربما تكون هذه اكبر عملية ارهابيّة يشهدها العراق في تاريخه كلّه.

الحملة لن تنجح، بالطبع، في «تطهير» بغداد من المقاتلين ولا بنى المقاومة – فأبسط قواعد حرب العصابات هي تلافي المواجهات المباشرة مع الجيش النظامي، واعادة الانتشار، وتوجيه الضربات المضادة في المكان والزمان المناسبين للفدائيين، وليس العكس – وهو ما يعرفه الجنرالات جيداً، ولكنهم يقصدون الى كسر ارادة المواطنين، في حين ان القوى الطائفية الحليفة للاحتلال، سوف تركّز على «تطهير» بغداد من العرب السنّة، في اطار الخطة الايرانية لتقسيم العراق. وعلى الهامش، سوف تستخدم هذه القوى، الاحداث، لاعادة ترتيب صفوفها، وتحجيم التيار الصدري، المتمركز في مدينة الصدر البغدادية.

في الخطة تصوّر لاخضاع العراق كلّه، انطلاقاً من اخضاع بغداد، حتى لو اقتضى الأمر تدميرها كلياً، واراقة دماء الابرياء من دون حساب، وتحويل الحرب الاستعمارية الى حرب طائفية من الباطن، اي، في النهاية، تحطيم المجتمع العراقي. المشروع الامريكي في العراق، فشل، حتى الآن، في تحقيق أيٍ من اهدافه، وانتهى الغزو الى مأساة دامية للعراق والعراقيين، وهو ما فتح الجدل الامريكي، بقوة، حول الحرب القذرة التي لم يعد بالامكان الاستمرار فيها طويلاً. ولذلك، تسعى ادارة بوش الصغير، الى محاولة اخيرة لكسب الحرب ولو باستخدام اكثر الوسائل وحشية، وأكثر التحالفات انتهازية. فاعادة احتلال بغداد لن تتم الا بالارهاب المنظم والتحالف مع ايران.

بهذه الخطوة الهمجية والغبية معاً، سوف تكون طهران هي الرابح الاساسي على المدى القصير والمتوسط، لكن، على المدى الأبعد، سوف يكون العراق، قلعة العداء للاستعمار الامريكي في المنطقة، ومقبرة الغزاة، من اين جاءوا.

Posted in Uncategorized.