أهلا بعميد الأسرى الأردنيين، سلطان العجلوني ورفافه . وليعرف أنه لو كان هنالك قدرات تنظيمية وإطار سياسي ملائم ، فإن احتفال الأردنيين باستقباله لن يقل عن احتفال اللبنانيين باستقبال سمير القنطار ورفاقه .
فلا تقارن يا أخي سلطان ،ولا تحزن ، فلقد أصبحت عنوانا لجذوة لم تنطفئ في صدور أبناء بلدك جذوة النضال ضد الصهيونية وكيانها الغاصب المؤقت في فلسطين. أعرف أن السجن في الوطن أقسى على النفس من الأسر ، لكن تجمّل بالصبر ولاقي محبيك بما سمعته منك ، وقدّرته ، من حصافة ومسئولية ونضج سياسي لم ألاحظه ، رغم الاحتفالات الكبرى ، عند رفيقك القنطار.
فهنيئا لك التواضع ، وهنيئا لك التواضع الأردني النبيل. ولا تظنن ، يا سلطان ،أن أولئك الذين احتكروا الاحتفال بك اليوم ، مستبعدين القوى اليسارية والقومية ، هم كل محبيك .. كلا . فكل التيارات الوطنية ترحّب بك ، وتريدك علما وطنيا يتجاوز الاحتكار والتيارات ، ويعانق المدى الأردني بكل أطيافه . وأعلم أن احتفال اليوم ناقص ولا يعبر عن تلك الأطياف، ويأتي في إطار الإفادة الفئوية من وهج إسمك ونضالك . فتبصّر ، ولا تنحشر في لون سوف يخرجك من التأثير الوطني ، ويحوّلك إلى ديكور . واعذرني ، يا أخي سلطان، فأنا لن أكون ، اليوم ، بين المحتفلين بك . فأنا ، على محبتي واحترامي لنضالك، سئمتُ النهج الإقصائي ، ولم أعد أقبل به أو أتصالح معه تحت أية ذريعة .
فهل من المعقول أن تتجاهل اللجنة المنظمة للإحتفال ، أي يساري أو قومي أو وطني في مهرجان استقبال أسرانا ؟ وهل تريد الحركة الإسلامية أن تحتكر تأييد المقاومة ؟ مثلما تحتكر الدنيا والدين في ‘ المعارضة’ بينما يحتكر الليبراليون الجدد ، مواقع القرار ؟ وهل من المعقول أن يكون بين مستقبليك اليوم مَن يقر الاستسلام والوطن البديل ، ولا يتسع الاستقبال لقامات مثل قامة يعقوب زيادين أو ضافي الجمعاني ؟ كيساري لا أشكو من هذه العقلية الاحتكارية ، ولكنني أدعو إلى مواجهتها صراحة ، فلم نعد مقبولا تجاهل الخط الثالث في بلدنا ، بين خطين إقصائيين ، إسلاموي وليبرالي ، يستمدان ، كلاهما، النفوذ من قوى خارجية. لم يعد مقبولا أن يستسلم اليساري والقومي للمساومة ، أو أن ينجر إلى التحالف مع الإسلاميين تحت شعار مناوأة الإمبريالية أو إلى التحالف مع الليبراليين تحت شعار العلمانية .
لليساري دربه الخاص : وطني ولكنه ليس طائفيا ولا عنصريا ولا إقصائيا، ويسعى إلى تفكيك الكيان الصهيوني ولكنه يريد ، صراحة، التعايش مع اليهود . وهو علماني وحداثي ولكنه ضد الليبرالية. قد ترى ، يا أخي سلطان ، أنه ربما ليس الوقت الملائم لإثارة النقاش حول هذه القضايا . كلا . آن الأوان لكي تتضح الصورة ، وتوضَع النقاط على الحروف . فاحتكار الحياة السياسية بين الليبراليين والإسلاميين يجعل الديمقراطية بلا معنى ، ويحوّل النضال الوطني غلى شعارات ديموغوجية ، مثلما يحوّل القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية إلى دوائر ملونة على الحاسوب وحسابات مكتظة بمئات الملايين .
أهلا يا سلطان .. بين أهلك وفي فضاء بلدك !
وحذار يا سلطان أن تتحوّل شعارا للإقصاء