أنموذج جديد في القتال و في التفاوض

صفقة التبادل بين حزب الله و’ إسرائيل’ تعكس ميزان القوى الجديد بين الطرفين منذ حرب تموز .2006 رئيس وزراء العدو , أيهود أولمرت نفسه,اعترف بأنها صفقة ‘ مذلة’ . وهو إذلال لا مناص منه ليس ـ كما يحلو للبعض قوله حول حرص ‘ إسرائيل’ على كرامة جنودها ـ بل لأن تل أبيب توصلت إلى قناعة استراتيجية بضرورة تجنب اية مواجهات مع حزب الله الذي هزم جيشها فعليا ـ وبخسائر لم تعلن حتى الان ـ من خلال اغلاق الملفات العالقة. قدمت ‘ اسرائيل’ الى حزب الله , في صفقة الاذلال, ما يلي : ـ 1 ـ اطلاق سراح الاسرى اللبنانيين الخمسة , وعلى راسهم عميد الاسرى العرب لدى العدو , سمير القنطار ـ وقد ابتلعت تل ابيب , بشانه , ادعاءاتها بانها لا تتهاون في اطلاق اولئك ‘ الملطخة ايديهم بدماء اسرائيليين’ ـ 2 ـ تسليم جثامين مائتي مقاوم لبناني وفلسطيني استشهدوا خلال الثلاثين عاما الماضية , بمن فيهم يحيى سكاف ودلال المغربي, واغلاق ‘ مقبرة الاعداء’ التي كانت تضم جثامينهم نهائيا ـ 3 ـ تسليم خرائط الالغام والقنابل العنقودية ‘ الاسرائيلية ‘ في جنوب لبنان ـ 4 ـ تقديم معلومات مفصلة عن الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة الذين اختطفوا في لبنان سنة 1982 ـ 5 ـ اطلاق عدد غير معروف من الاسرى الفلسطينيين.
وليس من الاعتيادي ان تقدم ‘ اسرائيل’ كل تلك التنازلات , لقاء جندييها الاسيرين لدى حزب الله ـ او جثتيهما ـ واشلاء جنود قتلوا في حرب تموز, وتقرير حول التحقيقات بشان مصير الطيار رون اراد. ولكنها تنازلات الاعتراف المتاخر بالهزيمة الاستراتيجية التي لحقت بالجيش ‘ الاسرائيلي ‘ على الجبهة اللبنانية عام 2006 , وبتغيّر موازين القوى الاقليمية لصالح سورية وحلفائها في لبنان .

ما سعت ‘ اسرائيل’ اليه هو اغلاق ملف الاسرى , تلافيا لمواجهة جديدة ترعبها. وقد استفاد حزب الله من الحسابات ‘ الاسرائيلية’ لفرض شروطه , وقد نالها , بينما سرّب ان الصفقة لا تعني ان الحزب قد كف عن التخطيط للانتقام من قيام ‘ الاسرائيليين’ بجريمة قتل عماد مغنية. وهو انتقام امل اولمرت بتلافيه , من دون جدوى.

اكد حزب الله, في تحد اضافي, انه لن يتساهل , بعد الان, ازاء الخروقات ‘ الاسرائيلية’ للحدود والسيادة اللبنانية, وانه سيرد عليها بقوة , بينما تتعاطى تل ابيب , جديا, مع مشروع للانسحاب العاجل من مزارع شبعا, في مسعى لنزع كل ذرائع الحرب مع حزب الله. ولا يمكن تفسير ذلك بكونه مسعى لتسهيل نزع سلاح الحزب, لان موازين القوى اللبنانية الداخلية لا تسمح , كما اتضح, بذلك. والحزب سيقاتل من اجل المياه , ومن اجل اخر شبر من الارض اللبنانية , ومن اجل عودة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان . وقائمة الاهداف طويلة , وقد وقعت ‘ اسرائيل’ مع حزب الله في دائرة مغلقة ستؤدي بها من ‘ تنازل’ الى اخر. وهي التي اضطرت , في لبنان فقط , للقول نعم في كل مرة قالت فيها لا.
العرب اليوم

Posted in Uncategorized.