ألغام الانتخابات المبكرة

نعم. أقولها بصراحة ووضوح, إن الانتخابات المبكرة, وفق أي قانون, لن تعكس إرادة الشعب الأردني ولا مصالحه الاستراتيجية. فالبلد في حالة اضطراب غير مسبوقة, والمشهد السياسي الأردني لم يتموضع بعد في أطر ناظمة. صحيح أن قوى سياسية فاعلة ولدت خلال العامين الماضيين, لكنها لم تنجز هياكلها وسط شحّ في الموارد يمنعها من الإنجاز السريع, وهي تحتاج إلى وقت كاف للمنافسة العادلة, في مقابل قوى مموّلة ذات ارتباطات وامتدادات وتحالفات إقليمية ودولية.
أقف, أولا, عند مشكلة قانون الانتخابات. وهي ليست مشكلة فنية, بل مشكلة اجتماعية سياسية معقّدة بل عويصة. وواهم مَن يظنّ انه يمكن التوصّل إلى قانون انتخابي جديد بالحوار او بإجراء صفقات سياسية.

قبل كل شيء لا مجال للمساس بأيّ مقعد نيابي مكتسب. وبخلاف ذلك, ستدخل البلد في حمأاة احتجاجات واعتصامات وقطع طرقات, تبدأ ولا تنتهي إلا بالخضوع لإرادة المحتجين. يمكن, بالطبع, زيادة مقاعد نيابية, ولكن لا يمكن حذف مقاعد. كذلك, فلا مناص واقعيا من تقسيم الدوائر على نحو يحافظ على تمثيل التجمعات الاجتماعية والجهوية. وبخلاف ذلك, سنغرق في مسلسل احتجاجات عنفيّة نحن في غنى عنها.ولكن, بالمقابل, لا عودة, حتما, إلى نظام الدائرة الوهمية والصوت الواحد.

والحل الواقعي الذي يجدّد ويوسع مستوى ونوعية التمثيل السياسي من دون المساس بالتركيبة القائمة, يقوم, في رأينا, على التالي:

(1) الحفاظ على الدوائر القائمة في انتخابات 2007 بعدد مقاعدها.

(2) على أن يكون للناخب الحق في انتخاب العدد المطابق لمقاعد دائرته.

(3) وبعدها يكتمل النظام الانتخابي بالدائرة الوطنية والقائمة المغلقة والنسبية, بما يشمل تمثيل النساء, وبما لا يقل عن ربع مقاعد الدوائر المحلية الإجمالي.

يحتاج قانون الانتخاب العام, إلى دراسة معمّقة وتبصّر وحسابات تمثيل مضبوطة, تدمج الواقعي القائم بالتغيير الديموقراطي اللازم. وبغير ذلك, فإن البلد سيواجه احتمالات سيئة للغاية.

الإقليم كله, بدوره, مضطرب. ولم تتضح بعد معالمه. بصورة خاصة علينا أن ننتظر نتائج المعركة في سورية من دون أدنى تورّط فيها. فإذا كانت النتيجة لصالح التحالف الأطلسي التركي الإخواني, فإن الديموغوجية والأموال واستخدامات العصبيات الديموغرافية السياسية, سوف تختطف البرلمان المقبل. وهو ما سيقود إلى ردود فعل لا تحمد عقباها.

الخطر الثاني يأتي من المال السياسي. فإجراء الانتخابات في ظروف الفقر الشديد والبطالة المعمّمة وانعدام الأمل والثقة بالمستقبل, سوف يقود إلى تحويل الانتخابات إلى سوق ضخمة لشراء الأصوات. بالمقابل, فإن خطة تنموية ثلاثية مكثفة للمحافظات, 2012 – 2014 ، سوف تفتح سياقات التحرر من الفقر وتبث الأمل, وتعزز التسيّس الاجتماعي الوطني, وتحصّن الناخبين.

الخطر الثالث يأتي من تحوّل الحملة الإنتخابية إلى سجال يهدد الوحدة الوطنية. ولتلافي هذا الخطر لا بد اولا من حسم مسألة الهوية الوطنية للدولة في إجراءات قانونية تتعلق بقوننة فك الارتباط وتنظيم المواطنة والإقامة ومجمل العلاقات المتداخلة والغامضة, سياسيا وتنظيميا وديموغرافيا بين الأردن وفلسطين.

الخطر الرابع يكمن في تحوّل حملة الانتخابات,إلى سجال بلا ضوابط حول الفساد. وهو ما يفرض الحسم في معالجة ملفات الفساد. وتحويلها كلها – من دون استثناء – إلى القضاء. عندها سوف يكون كل مشتبه به خارج العملية السياسية إلى حين تبرئته أو إدانته فيسقط نهائيا. وهو ما سيحرر الحملة الانتخابية من سجال الفساد ومن تأثير الفاسدين معا.

خارطة الإصلاح الوطنية – الاجتماعية التي نقترحها, إذاً, هي بالعكس من الخرائط المطروحة القائمة على الأولويات الليبرالية. وهي تتدرج كالتالي:

(1) 2011 – 2012 انجاز قوانين الحياة السياسية, تحويل ملفات الفساد الى القضاء,إنجاز قانون من أين لك هذا, تعديل قانون الجنسية, رد القوانين المؤقتة, اتخاذ الإجراءات والمبادرات للتقيّد الحرفي بتطبيق الدستور,

(2) 2012 – 2013 انجاز القوانين الاقتصادية الاجتماعية بما يتفق مع الدستور ومتطلبات الأولويات التنموية والاجتماعية , وعلى رأسها قانون ضريبة الدخل التصاعدية,وقانون الضمان الاجتماعي

(3) 2012 – 2014 اطلاق وتنفيذ الخطة الثلاثية لتنمية المحافظات .

(4) 2014 الانتخابات العامة في موعدها الدستوري.

(العرب اليوم)

Posted in Uncategorized.